الشركات الناشئة والعوامل المؤثرة بها – القسم الخامس: فهم شخصية عميلك الخاص
إنَّ الشركات الناشئة تخلق فرص عمل ومنتجات جديدة، وهو متفق لذا فكلنا نحب عمل الشركات الناشئة ونعلم أن الكثيرين في العراق يعملون بجد لجعل الأفكار “تحدث” اي تتحول الى فعل على ارض الواقع، ومع قصص رواد الأعمال العراقيين التي تلهمنا كل يوم فإننا في الوقت نفسه نجد ان الامر في جميع أنحاء العالم وخاصة في العراق ليس سهلا على الإطلاق.
مقالاتنا عن الشركات الناشئة والعوامل المؤثرة بها هي سلسلة جديدة مكتوبة لأصحاب المشاريع الذين يتطلعون إلى بدء مشروع أو لأولئك الذين هم بالفعل في طور بناء واحد، سنلخص الموارد ونوفر مادة للتفكير على أمل أن نكون جزءًا من رحلة تعلم تخص الشركات الجديدة، نحن بعيدون عن معرفة جميع الإجابات ولكننا نعلم أن هذه السلسلة ستثير التفكير في جوانب مهمة من عملك وتساعد في تجنب العقبات التي تواجهونها، كما يسعدنا دائمًا معرفة أفكارك وتجاربك أيضًا، ومستوى تقدم عملك، ورأيك بخصوص الموضوع ما تجده مفيدًا أو ما قد تختلف معه ببساطة.
تحدثنا مؤخراً عن عروض القيمة أو الوعد الذي تقدمه الشركة الناشئة للأداء والفوائد المتعلقة بالعرض المقدم للعملاء. كما ناقشنا فهم سبب رغبة العميل في الدفع مقابل منتجك أو خدمتك، و قد يبدو هذا بسيطاً ولكنه في الواقع عملية معقدة لا ينبغي التعجيل بها بحيث تلقى صدى حقيقياً لدى العملاء المحتملين، إذن كيف يمكننا فهم ما يتردد صداه مع العملاء المحتملين؟ ستناقش مقالة اليوم فهم شخصية عميلك وكيف يمكننا محاولة الاقتراب أكثر مع تحديد ما الذي سيجذب العملاء والأهم من ذلك ما الذي يدفعهم للبقاء والاستمرار معك.
تطوير شخصية العميل يعني رؤية العالم من خلال عيونهم
يوجد حاليًا أكثر من 40 مليون شخص في العراق وأكثر من 30 مليون مستخدم للإنترنت ، لكن القليل منهم فقط سيصبح عملاء مخلصين لشركتك الناشئة، يمكنك توزيع منشورات في مول المنصور أو نشر إعلانات لعملك على كل مجموعة على Facebook ، ولكن كيف يمكنك استهداف العملاء الذين يبحثون بالفعل عما تقدمه شركتك الناشئة؟ كيف تقوم بتخصيص عرضك لهم وتقليل الوقت والموارد اللازمة للترويج للمجموعات غير ذات الصلة؟ تكمن الإجابة في تجميع شخصيات محددة من العملاء والتأكد من فهمك لكيفية رؤيتهم للعالم.
شخصيات العملاء عبارة عن تمثيلات شبه خيالية للعملاء المثاليين لشركتك الناشئة والتي تساعدك على تخيل عملائك والتواصل معهم كأشخاص حقيقيين ليتبين لك حاجاتهم و من الأمثلة الرائعة لتخيل رحلة العميل عجلة الخبرة التي أنشأتها LEGO والتي تجذب شخصية خيالية متمثلة بـ ريتشارد ورحلته من مطار لندن هيثرو إلى مدينة نيويورك.
ما يميز عجلة التجربة هذه أنها تمر عبر كل خطوة في رحلة ريتشارد، حيث تأخذ في الاعتبار التحديات المحددة التي قد يواجهها ريتشارد والتي من شأنها أن تجعل تجربته جيدة أو تفسدها، مثل ما إذا كان مقعد الطائرة واسعاً ومريحاً بدرجة كافية و علاوة على ذلك فإنه يلاحظ مشاعر ريتشارد في كل خطوة من الرحلة، مما يساعد على التواصل مع ريتشارد وفهم أي جزء من الرحلة سيضمن عودته مرة أخرى ، أو حتى إخبار الآخرين بتجربته الإيجابية بشكل أفضل.
فكر في عدد المرات التي قمت فيها بذلك كعميل، و كم مرة خرجت من تجربة منتج أو خدمة وأخبرت أول صديق تقابله بما أحبته أو كرهته؟ تعتبر عجلة تجربة LEGO مفهومًا رائعًا للغاية كما يمكن حقًا لأي شركة ناشئة أن تمارس او تجرب هذا، فالأمر كله يتعلق بطرح الأسئلة الصحيحة على عملائك المحتملين.
يتضمن فهم شخصية العميل الخاصة بك التواصل مع مجموعة متجانسة من العملاء المحتملين
بقدر ما قد ترغب في تغطية أكبر عدد من مجموعات عملاء مختلفة عند تسويق منتجك، فإن أفضل طريقة للبدء هي التفكير والتركيز على مجموعة عملاء واحدة من المرجح أنها تحتاج و / أو تريد عرضك، لنفترض هنا أنك بدأت تطبيقاً
يستخدم سائقات ويستهدف الركاب من الإناث (نقدم هذا المثال بناءً على مفهوم رائع طورته شهد محمد لـ LadyGo). والآن دعونا نتخيل من سيحتاج إلى مثل هذه الخدمة.
تعرّفوا على ليلى محاسبة تبلغ من العمر 25 عامًا تعمل في مكتب بغداد التابع لشركة تدقيق دولية، و تعيش مع والديها وثلاثة من أشقائها في زيونة ويمكن أن يستغرق تنقلها إلى العمل ما يصل إلى ساعة بسبب حركة المرور ونقاط التفتيش الأمنية.
كان اعتمادها في التنقل على سيارات الأجرة وهي وسيلة غير موثوق حيث لا يمكن التنبؤ بما قد يحدث، واحياناً كانت بعض الرحلات مريحة بينما كانت الرحلات الأخرى في سيارة معطلة وينبعث منها الهواء الساخن بسهولة في صباح الصيف شديد الحر، و يعاني والداها من نوبات هلع أسبوعية بسبب تأخرها في العودة إلى المنزل ويكافحان للعثور على شخص جدير بالثقة يمكنه الالتزام بأخذها إلى العمل والعودة بشكل يومي، وهي لا تستطيع أن تتخيل القيادة بنفسها للعمل في الزحام الهائل، كما انها تفضل قراءة الكتب أو لعب Candy Crush أثناء تنقلاتها.
هناك شيئان جديران بالذكر هنا:
- ليلى ليست بالضرورة شخصًا حقيقيًا ولكنها تمثل العملاء المحتملين الذين يواجهون صعوبات مماثلة ويتناسبون مع ملفات تعريف متشابهة إلى حد ما من حيث التفضيلات والاهتمامات والروتين.
- لم تأت هذه المعلومات من فراغ ، ولكن يجب وضعها كنتيجة للتواصل المستمر مع مجموعة مختارة من العملاء المحتملين الذين يتناسبون مع فئة عمرية معينة ولديهم حالة توظيف مماثلة ويقيمون في موقع محدد.
نعم ، يمكنني أيضاً التفكير في امرأة تبلغ من العمر 50 عاماً في بغداد وتتمنى أن يكون لديها سائق سيارة أجرة موثوق به ليأخذها إلى التسوق الأسبوعي، ولكن هذا يعني التفكير في العديد من المجموعات المختلفة من الأشخاص الذين لديهم اهتمامات مختلفة ونقاط ضعف، و في نفس الوقت ونتيجة لذلك لن أكون قادراً على فهم نقاط الاهتمام لمجموعة واحدة من العملاء بالتفصيل ومعالجتها بشكل فعال، فمن المهم تحديد هذه المعلومات قبل الانتقال إلى المجموعة التالية من العملاء المحتملين.
إن فهم شخصية العميل الخاص بك يعني تطوير واختبار افتراضاتك
لا يمكن تطوير واختبار افتراضاتك إلا من خلال إجراء مقابلات مع العملاء المحتملين أو الحاليين، و المقابلة تعني طرح الأسئلة الصحيحة ولكن لا ينبغي أن تسأل الناس ما يريدون، أولاً لأنهم قد يقولون ما يعتقدون أنهم يريدونك أن تسمعه. وثانيًا لا يعرف الكثير منا دائماً ما نريد (من المعروف أن هنري فورد قال إنه إذا سأل الناس عما يريدون ، لكانوا قد قالوا خيولًا أسرع!).
بدلاً من ذلك حث العملاء عن طريق طرح أسئلة مفتوحة، اسألهم ما الذي يحبطهم بشكل يومي؟ ما هو شعورهم عند استخدامهم لخدمات المنافسين؟ ماذا يحبون / لا يحبون؟ كيف تعرفوا على خدمات منافسك؟
هل تسمع شيئًا لم تكن تتوقعه؟ اجعلهم يشرحون الأمر بالتفصيل! “هذا مثير للاهتمام، أخبرني المزيد“. في بعض الأحيان يكون من المفيد فعل ذلك لأن الناس سيكونون في طبيعتهم، في المرة القادمة التي تتناول فيها العشاء أو تقف في الطابور، استمر في الاستماع عندما يبدأ الناس في الشكوى أو يتطوعون لإخبارك بقصة حياتهم ، دوّن مشاعرهم أو نقاط الألم أو الأفكار لديهم، لن تجد بالضرورة ما يريدون لكنك ستعرف المشكلة التي يريدون حلها.
شكر خاص وذكر خاص للدكتورة نترا بان، باحثة ومعلمة ريادة الأعمال لمساعدتها في تقديم المدخلات والأفكار لهذه السلسلة!