تحليل نهوض التجارة الإلكترونية في العراق

شهدت السنوات الأخيرة طفرة في قطاع التجارة الإلكترونية في العراق، وقد تحولت الصناعة من مكانة يهيمن عليها الأفراد المتمرسون في التكنولوجيا ، إلى خدمة رئيسية للمستهلك العراقي العادي، و وفقًا لمسح أجراه بنك Think Bank Iraq ، قام 57٪ من مستخدمي الإنترنت العراقيين بالتسوق عبر الإنترنت مرة واحدة على الأقل.

وقد أدى ذلك إلى مزيد من الاهتمام من قبل قادة الصناعة العراقية والمستثمرين ومنصات التجارة الإلكترونية مثل Miswag التي تؤمن الملايين في جولات التمويل أو Orisdi تؤمن صفقات التمويل والشراكة مع أكبر شبكة تلفزيونية خاصة في العراق الشرقية، فبينما يدفع رواد الأعمال وأصحاب الرؤى العراقيين الحدود ويجلبون أفكارًا جديدة وابتكارات إلى البلاد يمكننا أن نتوقع دورًا أكبر لخدمات التجارة الإلكترونية في قطاعي التجزئة واللوجستيات في العراق.

ما الذي يجعل التجارة الإلكترونية فريدة من نوعها؟

بينما لا تزال المحلات التجارية هي الوسيلة الأساسية للتسوق فإن التجارة الإلكترونية تلحق بالركب بسرعة ومن المتوقع أن تصل إلى حصة سوقية تبلغ 25٪ من مبيعات التجزئة بحلول عام 2024. تجلب التجارة الإلكترونية مزايا عديدة لكل من بائع التجزئة والمستهلك المساعد في اعتمادها واستخدامها على نطاق أوسع لا سيما في منطقة الشرق الاوسط.

1. تتجاوز الحدود الجغرافية

التجارة الإلكترونية تزيل القيود المادية للمستهلكين، ففي الماضي كان شراء المنتج مقصوراً على العناصر المعروضة من المتاجر في المنطقة المحلية أو الأماكن التي يمكنك زيارتها، اما اليوم فتقدم التجارة الإلكترونية خيارات غير محدودة فهي تقريباً تتيح لتجار التجزئة والبائعين الوصول إلى سوق وقاعدة عملاء أكبر بكثير.

2. أكثر فعالية من حيث قلة التكلفة.

يعتبر نموذج الأعمال التجارية عبر الإنترنت أكثر فعالية من حيث قلة التكاليف لأنه يزيل العديد من المتطلبات المادية الباهظة لإدارة الأعمال التجارية، دون الحاجة إلى القلق بشأن دفع الإيجار والصيانة وما إلى ذلك، وبهذا يتم تقليل تكاليف التشغيل إلى الحد الأدنى مما له العديد من المزايا عند التنافس مع المتاجر التقليدية.

3.التشغيل الآلي والبيانات

أعمال التجارة الإلكترونية أسهل بكثير فمع التشغيل الآلي من المدفوعات إلى خدمة العملاء يمكن أن يعمل كل شيء بأقل قدر من التدخل البشري، هذا يؤدي إلى إنتاجية وكفاءة أعلى، و يعد تحليل بيانات المستهلك أسهل أيضًا حيث يعطي نظرة أعمق لاتجاهات العملاء ويزود صانعي القرار بمزيد من المعلومات.

التحديات التي يجب التغلب عليها

على الرغم من صعودها السريع ، إلا أنه لا تزال هناك العديد من العقبات التي تواجه التجارة الإلكترونية في العراق وتمنع نموها، مثل:

1. ارتفاع مستوى الأمية الرقمية في العراق

يعاني العراق من أعلى معدلات الأمية الرقمية في منطقة الشرق الاوسط، هذه الحقيقة المؤسفة تحرم منصات التجارة الإلكترونية من الوصول إلى جزء كبير من قاعدة المستهلك العراقي وتقليل القيمة السوقية الإجمالية لهذه الشركات لمعالجة هذه المشكلة، تحاول منصات التجارة الإلكترونية العراقية إنشاء تصميمات UI / UX أسهل في الاستخدام وتنشر جميع المنصات تقريباً دروساً تعليمية حول كيفية استخدام خدماتها.

2. الافتقار إلى أنظمة الدفع

يعد افتقار العراق إلى نظام دفع قوي وانخفاض الشمول المالي عقبة أمام كل منصة للتجارة الإلكترونية في البلاد، هذا يجبر الشركات على الاعتماد على نموذج الدفع النقدي عند التسليم مما يؤدي إلى بعض المخاطر، على سبيل المثال يمكن للعملاء تجنب الالتزام من خلال عدم الدفع عند التسليم أو إجراء عدة أوامر وهمية بالإضافة إلى ذلك، فإنه يفرض ضغوطاً على التدفق النقدي حيث يتعين على الشركات الانتظار حتى يتم استلام الأموال من المبيعات فعلياً تعمل العديد من الشركات العراقية على حل مشكلة الدفع هذه من خلال توفير أنظمة الدفع بواسطة الهاتف المحمول.

3. نقص الخدمات اللوجستية القوية

لم يكن العقدان الماضيان كريمين مع البنية التحتية للعراق مع أضرار جسيمة لشبكة الطرق العراقية التي لم يتم إعادة تأهيلها بالكامل بعد، وهذا يخلق مشاكل لوجستية خطيرة بالإضافة إلى عدم وجود خدمة بريدية وطنية – وهي فجوة خدمة أخرى يملأها القطاع الخاص.

فبينما يمكن لشركات التجارة الإلكترونية مثل أمازون تقديم خدمة التوصيل في نفس اليوم، سيحتاج المستهلكون العراقيون إلى الانتظار عدة أيام حتى تصل طلباتهم، كما تعمل العديد من الشركات الناشئة على هذه المشكلة مثل Sandoog التي تقدم خدمات تنفيذ الطلبات؛ مما يعني أنه يمكن تخزين المخزون في منشآته وتسليمه للعملاء في جميع أنحاء البلاد، مع تسليط المزيد من الضوء على أهمية التجارة الإلكترونية للاقتصاد لا بد من ظهور المزيد من المبادرات والحلول والتخفيف من المشكلات اللوجستية في العراق وتعزيز قطاع التجارة الإلكترونية إلى آفاق جديدة.

منصات التجارة الإلكترونية الرائدة

لقد غامر العديد من الشركات العراقية والشركات الناشئة في قطاع التجارة الإلكترونية، مما منح المستهلكين العراقيين قدرًا جيدًا من الاختيار وخلق منافسة صحية في السوق الناشئة، والشركات الثلاثة التالية هي أكبر شركات التجارة الإلكترونية العراقية التي كان لها تأثير كبير على هذا القطاع.

1. مسواك

تأسست شركة مسواك في عام 2014، وهي شركة رائدة في التجارة الإلكترونية في العراق كما تحظى المنصة بشعبية كبيرة بين المستهلكين العراقيين مع أكثر من 700000 مستخدم و 15000 منتج من المنتجات، و جمعت الشركة مؤخراً 1.6 مليون دولار في أول جولة ما قبل السلسلة أ في البلاد.

2. طماطــة

منصة تجارة إلكترونية رائعة و شهدت طماطة شعبية كبيرة بين المستهلكين العراقيين من خلال مجموعتها الواسعة من المنتجات وأسعارها التنافسية.

3. أورزدي

منذ تأسيسها في عام 2019 كانت أورزدي منافساً قوياً في قطاع التجارة الإلكترونية، تتضمن المنصة واجهة سهلة الاستخدام وخدمة عملاء سريعة الاستجابة تجربة مرضية للعملاء، لقد حظيت أورزدي باهتمام كبير من المستثمرين العراقيين حيث أبرموا مؤخراً صفقة من ستة أرقام مع مجموعة الشرقية TV إحدى أكبر المجموعات الإعلامية في العراق مما أتاح للمنصة الوصول إلى ملايين من مشاهدي الشرقية.

ماذا يخبئ المستقبل؟

إن الثقافة المالية المتزايدة وتغلغل الإنترنت في العراق جنبًا إلى جنب مع زيادة التقدم والابتكار في مجال الخدمات اللوجستية خلقت بيئة مناسبة لازدهار منصات التجارة الإلكترونية.

يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من الشركات والشركات الناشئة تدخل في مجال التجارة الإلكترونية وزيادة حصة المبيعات عبر الإنترنت، مما يوفر الكثير من الفرص للروَّاد في هذا القطاع، و أصبح المستهلك العراقي العادي أكثر ارتياحاً لعمليات الشراء عبر الإنترنت و سينعكس بشكل إيجابي على القطاع مما يمنحه مزيداً من الاهتمام والأهمية من المستهلكين والمستثمرين على حدٍ سواء.

كما ويمكننا أيضًا أن نتوقع أن العديد من البائعين عبر الإنترنت الذين يستخدمون حاليًا Facebook و Instagram لبيع منتجاتهم قد يفكرون في إطلاق منصاتهم الخاصة للاستفادة من هذا التحول في سلوك المستهلك.