ثورة تطبيق فلق ليوسف النعيمي في سلسلة التوريد الدوائية في الموصل
يوسف النعيمي، رائد أعمال ذو 32 عامًا، في مقدمة مشهد التكنولوجيا النامي في الموصل. ولكن رحلته ليست رحلة فردية بأي شكل, بل هي حكاية اجتهاد، وتكيف، ورؤية لتحويل سلسلة التوريد الدوائية في الموصل.
أدت به خبراته السابقة إلى إطلاق أول شركة ناشئة له في الموصل عام 2018 – دكاكينا، وهو سوق (B2C – تاجر إلى مستهلك) للأجهزة المنزلية والإلكترونيات. وبينما كان يحصد نتائج مهمة فيما يخص العملاء، والجوائز، والتقدير المجتمعي، رأى النعيمي احتمال طريق مسدود. وبينما كان يعاني في محاولة إصلاح الأمور، قرر أن يعيد التفكير ويبدأ عملًا جديدًا حيث أتى بفكرة ستغير فيما بعد سلسلة التوريد الدوائية في الموصل.
صحيح أن المشهد التقني واعد في الموصل، إلا أنها كبقية العراق ما تزال تعتبر في المهد في هذا المجال. ويقر النعيمي بذلك، مشيدًا بالنمو السريع في المدينة، مع كونها تتحسس خطاها عند الحديث عن التكنولوجيا كقطاع تجاري كبير. هناك اتجاه عالمي للدفع بالتقدم التكنولوجي إلى دفة قيادة الأعمال التجارية، بتبني الشركات وسائل التواصل الاجتماعي واستكشاف تطوير التطبيقات. ولكن هناك فجوة بين الطموح والتطوير. تفتقد القطاعات إلى طريقة مقادة بالتكنولوجيا، ما يخلق فرصًا لرائدي الأعمال المبتكرين. هناك عوائق كوسائل الدفع عبر الإنترنت، ولكن النعيمي يرى فيها محاسن محتملة.
يمكن لرائدي الأعمال المحليين استعمال انعدام وسائل الدفع الإلكتروني لصالحهم إن استطاعوا حل المشكلة.
يوسف النعيمي، مؤسس فلق
بالمقارنة بالمدن الأخرى في المنطقة، يواجه رائدو الأعمال في قطاع التكنولوجيا في الموصل تحديات خاصة. حجم السوق عائق، ما يجعل من الصعب جذب المستثمرين. ثقافيًا، يمكن أن يكون من الصعب إقناع العملاء بتبني تقنيات جديدة. ولكن أكبر تحدٍ، وفقًا للنعيمي، يتمثل في بناء الفريق الصحيج: «قد تعرف ما المهارات المطلوبة لعمل ما في شركتك، ولكن السؤال هو هل يمكنك إيجاد ذلك العضو في الفريق؟».
تعكس خبرة النعيمي تلك التحديات. فقد عانت محاولته السابقة، دكاكينا، بسبب التحديات اللوجستية: «اعتمدت دكاكينا بقوة على العمليات واللوجستيات في عملها، ما جعل عملية توسعها شديدة الصعوبة لأن الموصل لم تكن تمتلك شركات شحن موثوقة».
أدى هذا إلى الانتقال باتجاه فلق، وهي سوق تاجر إلى تاجر (B2B) تصل بين الصيدليات ومستودعات الدواء المحلية. لم يكن الانتقال “كالسكين في الحلاوة ” بأي حال. فقد كان إقناع الموردين المترسخين بالانضمام للمنصة الجديدة تحديًا. هنا، أثبتت تجربة النعيمي مع دكاكينا أنها لا تقدر بثمن. وهو يؤكد على كيفية سماح هذا له بإقناع الموردين بعرض القيمة الخاص بفلق.
عندما تحدثنا إلى الموردين لأول مرة، ذكروا أن آخرين سبق وأن حاولوا قبلنا ولكنهم لم يستطيعوا الانطلاق أبدًا وكان علينا أن نريهم أننا مختلفون وأن بإمكاننا التأقلم بسرعة أكبر مع احتياجاتهم.
يوسف النعيمي، مؤسس فلق
مع ثلاث ثنوات منذ انطلاقته وتسع موظفين بدوام كامل، يعد هدف فلق بعيد المدى طموحًا: رقمنة سلسلة التوريد الدوائية في العراق بأكملها. هي مهمة مهيبة، ولكن النعيمي عازم على خوضها خطوة بخطوة: «نريد رقمنة سلسلة توريد الدوائيات كاملةً في العراق. أهي مهمة صعبة؟ بالطبع. ولكننا مستعدون لمحاولة التحرك خطوةً فخطوة وصولًا إلى هدفنا».
نظرة ناقدة إلى البيئة الخاصة
عند سؤاله عن دور الجامعات والحكومة في دعم رائدي الأعمال الطموحين في التكنولوجيا، فقد كانت آراؤه محددة بدقة. هو يؤمن بأن جامعات العراق تفشل في شحذ طلابها بالمهارات التي تعد بها: «الجامعات في العراق تغدو أبعد عن الواقع مع مرور الزمن. ليبدأوا أولًا بتعليم الطلاب المهارات التي يعدون بها في كلياتهم وأقسامهم». ويضيف قائلًا: «مثلًا، أيمكنك القول إن قسم المحاسبة بنتج محاسبين جيدين يمكنهم استخدام أدوات المحاسبة؟ والقائمةتطول».
ويرى النعيمي أيضًا من جهته أن سياسات الحكومة لا تقوم بدور داعم. وهو ينتقد القوانين التي يبدو أنها تضع الأولوية لتوليد الأرباح على رعاية الابتكار: «لها دور ولكنه دور سيئ جدًا. لم أر أي تشريعات جديدة تنفعنا بأي طريقة. كل أراه طرق لأخذ الأموال من الشركات دون تقديم أي فوائد حقيقية». وبالتأمل في هذه الحجة، يتساءل: «هناك تشريع جديد أن كل الشركات في العراق بغض النظر عن قطاعها يجب أن تسجل في دومين إيميل “.iq” والكلفة 225,000 د.ع. سنويًا. كيف لهذا أن يساعد الشركات؟ ماذا لو كان للشركات دومين أصلًا؟»
مستقبل ناصع، مبني على التحديات
رغم هذه التحديات، يرى النعيمي مستقبلًا باهرًا لقطاع الرعاية الصحية في العراق، يحاكي التطورات في دول الجوار. فالمنافسة المتصاعدة في المنشآت الصحية الخاصة يدفع للمزيد والمزيد من تبني التكنولوجيات الجديدة.
بالنسبة لرائدي الأعمال الطموحين في الموصل، ينصح النعيمي بجرعة من الحقيقة المرة. فهو يقر الصعوبة الهائلة عند البدء بشركة وتسييرها: «الأهم فالمهم، إن بدء شركة وإدراتها مهمة صعبة تتطلب الكثير من المهارات، والشجاعة، والالتزام، ومعظم الناس قد يفشلون فيها. قد يكون البحث عن عمل فكرة جيدة»؟
ولكن، لأولئك الذين يعيشون على التحديات وحل المشاكل، فإن رحلة بناء شركة ناجحة يمكن أن تقدم مكافآت عظمى. وهو يختم برسالة تحفيزية: «إذا كنتم تحبون خوض الصعاب وحل المشاكل من وقت لآخر عند نمو شركتكم، فستحبون العملية وتشهدون كيف تعمل الأشياء أخيرًا بشكل صحيح بعد العديد من المحاولات الفاشلة. ستحبون احترام عملائكم لشركتكم وفريقكم. يمكنكم تغيير الأشياء وترسيخ معايير جديدة في قطاعكم».