كيف ستشكل التكنولوجيا واقعًا جديدًا لخدمات البنوك والخدمات المالية في العراق
هناك جهود قائمة الآن لتعزيز تبني التكنولوجيا والابتكار ضمن مجال الخدمات المالية. وسنسعى في هذا المقال لمعاينة المشهد الحالي والإضاءة على أهمية التكنولوجيا في قيادة التطورات، وسنستكشف الخطوات الضرورية والتعديلات الملحة لتسريع التقدم، وذلك مع التركيز بشكل خاص على أهمية الأمان في الدفع الإلكتروني وقطاع البنوك.
المشهد الحالي
1. شركات الأموال على الموبايل: توفر شركات الأموال على الموبايل في العراق خدمات بنكية رقمية بالكامل، فتسمح للمستخدمين بإجراء العمليات البنكية والوصول إلى الخدمات المالية براحة تامةعن طريق أجهزتهم المحمولة. توفر محفظة ناس، وزين كاش، وفاست باي خدمات بنكية رقمية ملائمة. وهي توفر مزايا كالدفع الرقمي للتاجر في المتجر وعبر الإنترنت، ودفع الفواتير الحكومية، وتوزيع الرواتب، والشراء بالقسائم الإلكترونية، والتحويلات المالية الدولية. وتلعب هذه الخدمات دورًا في تمكين المستخدمين من إجراء العمليات البنكية، ودفع الفواتير، والوصول إلى الأموال، وإرسال الأموال بأمان عن طريق أجهزتهم النقالة.
2. البنية التحتية الرقمية:
أدركت البنوك التقليدية في العراق أهمية الرقمنة وبدأت بالاستثمار في بناها التحتية الرقمية لتوفير تجارب استخدام وخدمات بنكية رقمية محسنة لعملائها.
يعمل مصرف العراق الأول (FIB) كمصرف رقمي بالكامل، ويستفيد من تكنولوجيات متقدمة وبنية تحتية رقمية قوية لتوفير خدمات مصرفية شاملة عن طريق القنوات الرقمية كفتح حسابات بنكية، وإرسال الأموال، ودفعات التجار.
ويستثمر بنك الطيف الذي كان شركة حوالات وصار مصرفًا بثقل في بنيته التحتية الرقمية ليوفر لعملائه تجربة بنكية رقمية فعالة وسلسة..
بالإضافة إلى ذلك، فإن البنك الوطني العراقي (NBI) جنى ملايين الدولارات من الاستثمار في بنيته التحتية الرقمية، إذ حدث قنواته، ووسع انتشار الصرافات الآلية الخاصة به (ATM) وبنى قنوات رقمية لعملائه. ومن الأسباب الرئيسية وراء ذلك هو بنك كابيتال الأردني، وهو أكبر مساهمي البنك الوطني العراقي (بحصة تبلغ 61.85%)، إذ وفر دعمًا كبيرًا للبنك الوطني العراقي في عملياته ووفر موظفين خبراء وحلولًا مصرفية مع ضمان الالتزام بالمعايير الدولية للالتزام المصرفي والخدمات. وتعكس هذه الاستثمارات التزامًا بتلبية الحاجات المتنامية للعملاء، وتحسين تجارب المستخدمين مع الخدمات البنكية الرقمية، وتشريع الطريق أمام نظام بيئي مالي أكثر شمولًا في العراق.
3. الشراكات:
ظهرت شراكات حديثة بين البنوك، وموفري خدمات الدفع، وشركات التكنولوجيا المالية (“الفاينتك”). ومن الأمثلة “الرافدين” و”سويتش” و”أموال” و”آشور” و”أريبلا” و”الطيف”.
أقام بنك الرافدين و”سويتش”، – وهي شركة رائدة في خدمات الدفع الإلكتروني – شراكةً فيما بينهما لتوزيع أجهزة الدفع عند نقطة البيع POS عبر البلاد. ويهدف هذا التعاون إلى توسعة البنية التحتية لقبول الخدمات الإلكترونية وتمكين التجار – مهما كان حجمهم أو موقعهم – من قبول الدفعات الرقمية.
من الشراكات المهمة الأخرى في السوق الشراكة بين “أموال” وبنك آشور. ونتيجةً لهذا التحالف، يمكن للتجار أن يحتفظوا بحسابات مصرفية تجارية أو ينشئوها لدى بنك آشور ويحصلوا على الوصول إلى آلات الدفع في نقطة البيع. إضافةً إلى ذلك، فإن هذه الشراكة توفر للتجار فرصة الحصول على بطاقات ائتمان، بما يسمح لهم بتوسعة عملياتهم التجارية وتوفير راحة كبيرة لعملائهم.
كذلك، فإن “أريبا” – وهي شركة بارزة في توفير حلول الدفع الإلكتروني – قد أعلنت حديثًا عن شراكات مع مصرف الطيف الإسلامي ومصرف نور العراق الإسلامي. ومن خلال هذه التعاونات، تسعى أريبا لتوفير حلول دفع إلكتروني شاملة، وخصوصًا لخدمات الدفع عند نقطة البيع وبوابات الدفع عبر الإنترنت، لعملاء هذه المصارف. تهدف هذه التعاونات إلى تعزيز نقاط قوة كل شريك لتقديم خدمات مالية محسنة.
التحسينات المطلوبة
1. استمرار الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: يجب على مقدمي خدمات الدفع أن يستمروا بالاستثمار في البنى التحتية الرقمية لدعم سلاسة وأمان تجارب العمليات المصرفية الرقمية. وهذا ينضوي على أنظمة خلفية Backend متينة، وشبكات فعالة، ووصولية موثوقة لضمان سير الخدمات بلا انقطاع.
2. اعتناق حلول التكنولوجيا المالية (فاين تك): التعاون بين المصارف التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية ضروري لتطوير حلول مصرفية رقمية مبتكرة مفصلة لتلبية حاجات المواطنين العراقيين. يمكن لتشجيع هذه الشراكات أن يقود إلى الشمول المالي للجميع ويوفر خدمات مريحة صديقة للمستخدم.
3. تعزيز إجراءات الأمن الرقمي (السيبراني): إن التعاون مع المصرف المركزي للعراق بوصفه الجهة المنظمة، والحكومة، والمؤسسات المصرفية، وشركات التكنولوجيا المالية، وبقية أصحاب المصلحة أمر ضروري وحيوي لتأسيس إطار عمل قانوني وتنظيمي متين لأمان بيانات المستهلكين وحمايتها في عصر الصيرفة الرقمية. ومن الخطوات الأساسية الممكن أخذها لفعل ذلك:
a. تطوير تشريعات شاملة لحماية البيانات: على الحكومات والمصرف المركزي أن يضعوا تشريعات محددة وتوجيهات تعنى بأمن البيانات، والخصوصية، وشروط إبداء الموافقة موجهة للمؤسسات المالية العاملة في الفضاء الرقمي.
b. نشر معايير المجال: إن وضع معايير لتطبيقها في كامل المجال وتحديد أفضل الممارسات لأمان البيانات، مثل معايير PCI-DSS و ISO 27001، أمر ضروري لضمان الاتساق وتعزيز ثقة المستهلك في خدمات الصرافة الرقمية.
c. إجراء تدقيق وتقييم بشكل منتظم: يمكن للتقييم والتدقيق الدوري لإجراءات الأمن السيبراني في المؤسسات المالية أن يساعد في تحديد نقاط الضعف وضمان الالتزام بالمتطلبات القانونية. يمكن أن يوفر التدقيق الخارجي من قبل شركات ذائعة الصيت مثل EY، وKPMG، وPwC أن يوفر مستوى إضافيًا من الضمان.
d. تثقيف المستهلكين تجاه خصوصية البيانات: يجب أن تركز الجهود التعاونية على تثقيف المستهلكين تجاه حقوقهم، وإعدادت الخصوصية، والممارسات الآمنة عند استخدام خدمات الصيرفة الرقمية. ومن خلال نشر الوعي وتوفير التوجيهات، يمكن للعملاء أن يصنعوا قرارات مبنية على أسس صحيحة من المعلومات وأن يحموا بياناتهم.
إن التكنولوجيا تلعب دورًا بارزًا في تشكيل مستقبل قطاع المصارف والخدمات المالية في العراق. والتطورات الجارية والمستمرة في البنى التحتية الرقمية، والشراكات، وتبني حلول التكنولوجيا المالية (فاين تك)، تظهر جميعًا التزام القطاع بالتقدم. والتعاون بين أصحاب المصلحة ضروري وحاسم لتأسيس إطار عمل قانوني وتنظيمي متين لأمان وحماية بيانات المستهلكين. ومن خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتبني حلول التكنولوجيا المالية، وتعزيز إجراءات الأمن الرقمي، يمكن للعراق أن يبني نظامًا بيئيًا آمنًا وفعالًا للصرافة الرقمية يمكنه خدمة مواطني العراق ويساهم في الشمول المالي والنمو الاقتصادي.
تأتيكم هذه المقالة بالتعاون مع Wedo. لدى Wedo تجدون موقعًا واحدًا للخدمات التعليمية والاستشارات التجاري الاستراتيجية في العراق وغيرها. من برامج التدريب الشاملة حتى استشارات المختصين بشؤون جاهزية الاستثمار وتأسيس المجلس الإداري.