مستقبل الطباعة ثلاثية الأبعاد في العراق
إن اعتماد تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أخذ بالازدياد مؤخراً، حيث يستخدمه المتحمسون والمحترفون على حد سواء للتغلب على فجوة التصنيع في العراق، وقد أدى انخفاض التكلفة وتوفر المواد والمعلومات الفنية على نطاق واسع إلى تمكين أي شخص لديه القوة الشرائية من إطلاق مراكز التصنيع الخاصة به.
في هذا المقال سنحلل شيوع الطباعة ثلاثية الأبعاد في العراق وإمكانات هذه التكنولوجيا في تحويل قطاع التصنيع في البلاد ، والعقبات التي تقف أمام تحقيق مثل هذا المستقبل.
ما المقصود بالطباعة ثلاثية الأبعاد؟
الطباعة ثلاثية الأبعاد (المعروفة أيضًا باسم 3DP أو التصنيع الإضافي) و هي عملية إنشاء كائنات مادية ثلاثية الأبعاد من نماذج الكمبيوتر ثلاثية الأبعاد، يتم تصنيعها في التصميمات والتصنيع والهندسة بمساعدة الكمبيوتر (CAD / CAM / CAE) ، أو يتم الحصول عليها باستخدام الماسحات الضوئية ثلاثية الأبعاد.
شهدت الطباعة ثلاثية الأبعاد تطورات مذهلة ليس فقط من الناحية الفنية، ولكن أيضًا في اعتمادها والاعتراف بها من قبل الشركات المصنعة في جميع أنحاء العالم.
تختلف عملية التصنيع اعتماداً على التطبيق ونوع الطابعة والمواد المستخدمة، لكن أساسيات العملية تظل كما هي حيث تتلقى الطابعة ثلاثية الأبعاد تعليمات XYZ من ملفات CAD وتبدأ في إضافة طبقة على طبقة من المواد إلى كائن الطباعة حتى يتحقق الشكل ثلاثي الأبعاد المطلوب.
يذكر انه قد تم تخصيص هذه التقنية في البداية للعلماء والمتحمسين المتخصصين ولكنها أصبحت أكثر انتشاراً بعد أن تم استخدامها في مجموعة من الصناعات بما في ذلك البناء و الطب و الفضاء و الجيش و الإغاثة الإنسانية و الزراعة وغير ذلك، ويتوقع مع تطور التكنولوجيا يوماً بعد يوم سيكون دورها في التصنيع أكثر أهمية وحاجة واعتبار.
الطباعة ثلاثية الأبعاد في البلدان التي عانت من النزاعات
البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض (HDI) والقاعدة الصناعية الأقل تطوراً هي في وضع غير مؤات عندما يتعلق الأمر بالتصنيع والنماذج الأولية، ولكن تعتمد هذه الدول بشكل كبير على التصنيع والاستيراد الخارجي مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف فيها تتلاءم البلدان الخارجة من النزاعات مع هذا الملف الشخصي على وجه الخصوص.
من ناحية أخرى فإن الشركات المصنعة في البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المرتفع والبنية التحتية الجيدة وسلسلة التوريد القوية والخدمات اللوجستية والمعرفة التقنية ومراكز البحث تجتذب المواهب والاستثمار، لذا سيتعين على البلدان الخارجة من النزاعات الاستثمار بكثافة في هذه المجالات لبدء عملية التصنيع وهو خيار محفوف بالمخاطر بالنظر إلى عدد هذه البلدان التي لا تستطيع تحمل التكاليف الأولية.
تقدم الطباعة ثلاثية الأبعاد نفسها على أنها تقنية تخريبية للوضع الراهن، أصبحت الطابعات ثلاثية الأبعاد في متناول الجميع وتفتح المزيد من إمكانيات التصنيع لأن التكنولوجيا لا تتطلب شبكة دعم واسعة النطاق، وهذا يجعلها لامركزية بطبيعتها ويمنح حتى المناطق النائية في بلد ما إمكانية الحصول على نفس قدرة وجودة البضائع المصنعة مثل المدن الكبرى، تخيل مدينة نائية في ريف العراق لديها القدرة على تصنيع منتجاتها الخاصة من المعدات الطبية والأجهزة المنزلية إلى قطع غيار السيارات، أمراً لا يمكن تصوره قبل سنوات ولكن الآن هذا ممكن.
الطباعة ثلاثية الابعاد في العراق
يدرك المبدعون العراقيون أهمية الطباعة ثلاثية الأبعاد لدعم تقدم البلاد، لذا تقوم العديد من المجموعات المحلية والمنظمات غير الربحية بتكريس مواهبها ومواردها لتطوير هذا القطاع، وكلما بدأ كمكان مخصص لهواة التكنولوجيا سرعان ما تبنته أو تتبناه الشركات وعامة الناس.
تتضح فوائد الطباعة ثلاثية الأبعاد خاصةً في تجاوز قيود الاستيراد لبعض المنتجات من خلال تصنيعها محلياً، هذا مفيد بشكل خاص لأن العراق لا يزال يعاني من قيود التجارة القديمة.
النظام البيئي
أدى الاهتمام المتزايد بالطباعة ثلاثية الأبعاد في العراق إلى ما يلي:
- مجتمع متنامٍ من هواة الطباعة ثلاثية الأبعاد
- مساحات مادية مخصصة للتصنيع والتدريب
- أعمال مخصصة لبيع وصيانة الطابعات ثلاثية الأبعاد
يمكن لأي عراقي شراء طابعة ثلاثية الأبعاد بطلب واحد من مواقع الويب مثل 3D Print Iraq ، والحصول على المعرفة من الموارد عبر الإنترنت أو من خلال حضور الدورات المحلية التي تقدمها أمثال Field Ready و Science Camp و Mosul Space ، ومقابلة أشخاص متشابهين في التفكير في مساحات مثل The Station و IOT Makers.
العمل كالنحل في خلية
أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في مشهد الطباعة ثلاثية الأبعاد العراقي هو القوة والتنسيق بين المجتمع.
يكمن أحد عيوب الطباعة ثلاثية الأبعاد في قابليتها للتوسع في التصنيع على نطاق واسع، و في حين ان التصنيع مقيد بعدد الوحدات المتاحة وسرعات الطباعة لتلك الوحدات تعمل الصناعة على حل هذه المشكلة باستخدام تقنية طباعة أكثر تقدماً وزيادة سرعات الطباعة ولكن في غضون ذلك يكمن حل واحد لهذه المشكلة في خلايا الطباعة ثلاثية الأبعاد.
تعتبر طريقة خلايا النحل مثالية لعشاق الطباعة ثلاثية الأبعاد والشركات التي تعمل معاً لتصنيع كمية أكبر من العناصر وتوزيعها، وخلايا الطباعة ثلاثية الأبعاد العراقية تقودها منظمات مثل Field Ready الذين يعملون على بناء مجتمع من المبدعين ويتعاونون لتوفير المنتجات المطلوبة، مثل تصنيع معدات كمعدات الوقاية الشخصية للمستشفيات المحلية.
عقبات لا بد من التغلب عليها
على الرغم من هذه التطورات لا يزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها في العراق، بعضها مشترك وقد نلاحظها في بلدان أخرى في مرحلة ما بعد النزاعات والبعض الآخر خاص بالعراق فقط:
انخفاض عدد الخبراء
هناك عقبة كبيرة أمام نشر الطباعة ثلاثية الأبعاد على نطاق أوسع وهي الحاجة إلى عدد كافٍ من الخبراء والفنيين لتصميم النماذج وتصنيع المنتجات المختلفة.
إن مجتمع الطباعة ثلاثية الأبعاد العراقي على دراية تامة بهذه المشكلة ويحاول التغلب عليها من خلال التدريبات، ومع ذلك فإن وجود أكثر من 40 مليون نسمة يعني إنَّ هناك الكثير من الأرضية لتغطيتها.
غياب الإطار القانوني
كلما ظهرت التكنولوجيا الجديدة أو توسعت فإنها تعني بالضرورة حاجتها لإطار قانوني لحماية مقدميها ومستخدميها، إحدى أهم الامور التي ظهرت ويتم التناقش حولها دولياً و حول العالم هي الطباعة ثلاثية الأبعاد للكائنات المحمية بحقوق الطبع والنشر أو المنقوشة والتي تمثل تحدياً للمصنعين وتتطلب تدخلاً حكوميًا، في حين أن الافتقار إلى الرقابة الحكومية له مزاياه الخاصة (مما يمنح القدرة على تصنيع الأشياء المطلوبة دون قيود قانونية)، إلا أنه لا يزال له سلبياته، فحماية الابتكارات التي صنعها العراقيون هي أمر يجب معالجته حيث تحتاج الحكومة والمجتمع إلى التعاون لتقديم إطار عمل ملزم قانونياً لحماية الابتكارات العراقية ودفع البحث والتطوير في هذا المجال.
الماضي في العراق
ماضي العراق لا يزال يحمل ندوباً في كثير من القطاعات في البلاد، و لا تزال المنتجات والتقنيات والخدمات المالية مقيدة حيث تندرج بعض تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في هذه الفئة ايضاً، وبالتحديد الطابعات الحيوية ثلاثية الأبعاد، والتي يمكن استخدامها للمساعدة في طباعة الأنسجة والاحتياجات الطبية الأخرى التي يمكن أن تنقذ الأرواح، لم يتم تقديم حل واضح لهذه القضية بعد لكن الجهود الدؤوبة من قبل رواد الأعمال العراقيين تُحدث تحولاً بطيئاً في الطريقة التي يُنظر بها إلى العراق في جميع أنحاء العالم ، وقد تؤدي بتدخل الحكومة إلى التغيير.
الاتجاهات المستقبلية
إن مستقبل الطباعة ثلاثية الأبعاد في العراق واعد للغاية، حيث تتطور التكنولوجيا بسرعة ولديها قائمة لا تنتهي من حالات الاستخدام مما يعني أنه من المتوقع أن تكون الطريقة الرائدة في التصنيع في العالم، و بالنسبة للعراق فيعني الاهتمام المتزايد بالقطاع أنه سينمو أكثر كما ان هناك تركيز أكبر على التعليم حيث تفتح العديد من الجامعات معامل ثلاثية الأبعاد أو تشارك مع مساحات التصنيع الحالية.
كما إنَّ جانب الأعمال يتوسع أيضًا مع المزيد من اللاعبين الذين يقدمون الطابعات ثلاثية الأبعاد وخدمات الطباعة للطلب المتزايد من المبدعين العراقيين، و يتم في الوضع الراهن استخدام التكنولوجيا في المزيد من الصناعات حيث دخلت في مجالات متعددة مثل البناء والطب والتجزئة وهو أفضل ما قد يُمنح لبلدٍ ما قد كان خائفًا من المضي قدمًا من الماضي صعب والاتجاه نحو مستقبلًا جديدًا وواعدًا.