معمل قاف: الحاضنة العراقية تقوم بالأشياء بشكل مختلف بالنسبة للشركات الناشئة
نتعرف في مقالنا اليوم الى محمد السامرائي ومحمد الهاشمي وهما شابان عراقيان من بغداد والموصل على التوالي كما انهما من روّاد الأعمال ولديهم رؤى مستقبلية وخبرة جيدة في مجال ريادة الأعمال، وفي عام 2019 أسسا معاً Qaf Lab ، وهو مركز ابتكار لتطوير القطاع الخاص بهدف جلب نموذج استثمار غير تقليدي وحضانة إلى النظام البيئي العراقي.
و لان بعد غزو داعش للموصل في عام 2014 كانت هناك حاجة لإحياء القطاع الخاص في المدينة، كما إنَّ الأساليب التقليدية تميل إلى الفشل في البيئات غير التقليدية، والعديد من الاستثمارات وأساليب الأعمال التي اعتدنا على رؤيتها في العراق وخاصة في الموصل ، كانت بحاجة إلى التغيير للتكيف مع هذه البيئة الجديدة، لذا فإنَّ Qaf Lab يهدف إلى سد هذه الفجوة وتقديم نموذج عمل فريد مقارنة بالحاضنات والمراكز الأخرى في العراق.
نهج جديد لتطوير القطاع الخاص في العراق
لدى Qaf Lab نهج جديد لتطوير القطاع الخاص في العراق، بدءًا من هيكل مركز الابتكار الخاص به إلى البرامج والحاضنات التي يقدمونها.
تتمثل الطريقة التقليدية للحاضنات في جمع الأموال من الجهات المانحة وتنفيذ برنامج حضانة، ثم بعد ذلك صرف التمويل الأولي للشركات المحتضنة، ومع ذلك ، فإن هذا النهج يترك الكثير مما هو مرغوب فيه، ولكن نموذج الحاضنة هذا مقيد ويواجه بعض التحديات اولها حجم الأموال التي يمكنه جمعها، ففي بعض الأحيان قد لا تكون هذه الأموال كافية لدعم جميع الأعمال التجارية، والتحدي الآخر يكمنن في الدعم المحدود الممنوح للشركات المحتضنة بعد انتهاء البرنامج، وهو ما يتضح من العدد الكبير من الشركات الناشئة الفاشلة بعد أن تتلقى تمويلًا أوليًا أوليًا.
هناك العديد من المبادرات والمؤسسات في العراق التي تساعد في دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة ، لكننا نرى أن نموذج أعمالهم تقليدي ولم يتغير. أردنا أن نكون المؤسسة الأولى التي تخاطر وتستثمر بأموالنا الخاصة في الشركات العراقية لترك بصمتنا على القطاع الخاص العراقي.
محمد السامري, Co-founder of Qaf Lab
يركز مؤسسو Qaf Lab على طريقة جديدة لتطوير القطاع الخاص العراقي من خلال الدعم طويل الأجل، والاستثمار المباشر في الشركات الناشئة التي يحتضنونها ومن خلال استخدام التقنيات الجديدة لإحداث ثورة في القطاعات التقليدية وفتح فرص عمل جديدة، لهذا قاموا بتأسيس مركز الابتكار الذي يمتلك نموذجاً مستداماً ذاتياً يعمل مثل الأعمال التجارية مع المشاريع الجارية والعملاء من جميع أنحاء العراق.
ينقسم نموذج الأعمال الخاص بالمركز إلى ثلاثة مسارات:
1. مواد مالية من التبرعات
على الرغم من أنها طريقة تقليدية لجمع الأموال ، إلا أن Qaf Lab يستخدمها جنباً إلى جنب مع طرق التمويل الأخرى لدعم الأعمال التجارية التي تحتضنها.
2. الموارد الداخلية
يتكون Qaf Lab من عدة فرق صغيرة تعمل كعمل مستقل تحت إشراف إدارة Qaf Lab. وتشمل هذه الفرق الإعلام والتمويل والتنسيق والواقع الافتراضي والبحث والعمل في مشاريع للعملاء الخارجيين في الموصل والمدن الأخرى.
3. المحفظة الاستثمارية
مع زيادة حجم الشركات الناشئة يتوقع Qaf Lab عائداً على الاستثمار إما من خلال حقوق الملكية أو حصة الأرباح.
احتضان المشاريع العراقية
تزداد شعبية برامج الاحتضان في العراق حيث يتقدم العراقيون المبتكرون للتدريب والتمويل للمساعدة في تأسيس أعمالهم.
ولكن السؤال هل هذاكافٍ؟ بالطبع لا، فالنظام البيئي لريادة الأعمال جديد في العراق وتحتاج الشركات الناشئة معه إلى دعم طويل الأجل إلى جانب التمويل الأولي والتدريب الأولي.
ان النهج المتبع في Qaf Lab في الاحتضان يعني أن الشركات الناشئة لا تحصل فقط على التدريب والتمويل الأولي ولكن أيضًا للفرق الصغيرة في Qaf Lab، حيث يمكن للشركات الناشئة الحصول على الدعم في مجالات مثل إدارة وسائل التواصل الاجتماعي وتطوير الأعمال والتمويل والتكنولوجيا وبيانات البحث، و هذه القيمة المضافة مهمة للمؤسسين حيث تميل العديد من الشركات الناشئة إلى الفشل بعد انتهاء برامج الحضانة.
في عام 2021 نظم مؤسسوا Qaf Lab برنامج Business Shortcut، وهو برنامج احتضان بتمويل من آسياسيل حيث تم تدريب 10 من رواد الأعمال العراقيين لتأسيس شركاتهم الناشئة الخاصة، وبالإضافة إلى التمويل الأولي الذي قدمته آسياسيل للشركات الناشئة المؤهلة، استثمر الـ Qaf Lab بقيمة 300٪ إضافية من أموالهم الخاصة في زيادة مبلغ التمويل – مما جعلهم مساهمين في الأعمال التجارية.
الاستثمار في الأعمال التجارية العراقية
يعتبر الاستثمار في القطاع الخاص العراقي ظاهرة غير شائعة بسبب بدايات العراق كنظام إقطاعي ومن ثم نظام اشتراكي. نتج عن ذلك عدم وجود الكثير من ثقافة القطاع الخاص في البلاد. ومع ذلك ، فإن الاستثمارات في الشركات الناشئة آخذة في الارتفاع منذ عام 2021 والشركات الناشئة تصنع اسمًا لنفسها بل وتخلق صناعات جديدة في العراق.
وعلى الرغم من هذا النمو الذي تحققه، لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي يتعين القيام به، فيجب تأسيس التزام طويل الأمد للشركات الناشئة اجتماعيًا في مواجهة الشركات الإقليمية والدولية التي تتوسع في السوق العراقية وتعرض الأعمال المحلية للخطر أو تحاول شرائها.
ويؤكد مؤسسو Qaf Lab على الاستثمار في الشركات الناشئة ذات الإمكانات، كونها جزءًا من هذه الشركات كمستثمرين – ليس فقط من الناحية المالية، ولكن من خلال توفير موارد المركز وشبكته ايضاً.
هناك العديد من القطاعات الناشئة في العراق التي يمكن أن تساهم بشكل إيجابي في القطاع الخاص العراقي ككل، مثل الحلول الذكية والتكنولوجيا الزراعية والطاقة المستدامة، ويركز Qaf Lab على الاستثمار في الأعمال التجارية الجديدة والقطاعات التقليدية ولكن بأساليب محدثة.
عندما نستثمر ينصب تركيزنا بنسبة 20٪ على الشركة نفسها، و 80٪ على الأشخاص الذين يديرونها، فنتحقق مما إذا كان الشخص قادراً على إدارة الأعمال وما إذا كان قادراً على تنمية العمل ومهاراته، فالأفكار تأتي وتذهب ولكن الشخص وقدرته موجودة لتبقى.
محمد السامري, Co-founder of Qaf Lab
المحفظة الاستثمارية لـ Qaf Lab
لدى Qaf Lab محفظة متنوعة من الاستثمارات تشمل:
1. ZAD
لم تتغير أساليب تربية الحيوانات في العراق كثيراً منذ تدجين الحيوانات ولغاية الان،حيث لم يتبن المزارعون العراقيون التكنولوجيا بشكل كامل في عملهم اليومي بعد، ولا زال الوضع في بعض المناطق متأخراً ولا سيما في الشمال حيث لا يزال بعض المزارعين يتعاملون حتى بالعملة العراقية القديمة من الثمانينيات.
ومع ذلك فقد أصبحت فوائد استخدام التكنولوجيا مفهومة ببطء بسبب الاحتباس الحراري وتأثيره على رعي الحيوانات، بالإضافة إلى زيادة أسعار العلف بسبب الصراع في أوكرانيا، و تؤثر هذه العوامل على المزارعين العراقيين وتقلل من أرباحهم، ولزيادة ربحية أعمالهم بدأ المزارعون في تبني التكنولوجيا لتحسين عملياتهم.
فإدراكًا لهذه الحاجة إلى الابتكار التكنولوجي في صناعة الماشية، أنشأ محمد الهاشمي أول مزرعة تدعم التكنولوجيا في الموصل باسم “زاد” أو “طعام” باللغة العربية.
تعتمد ZAD تقنيات مثل إنترنت المعدات (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI)، و تعمل أجهزة إنترنت المعدات المدعومة بتقنية الاستشعار ، على جمع بيانات الماشية في الوقت الفعلي التي تتيح للمزارعين اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، و يمكن للمزارعين استخدام هذه المعلومات لتحسين نوع الطعام الذي يقدمونه، والتنبؤ عندما يصبح الحيوان غير مربح للاحتفاظ به، وبالتالي تحديد المشكلات في وقت مبكر.
يتخذ ZAD أيضًا نهجًا فرديًا تجاه الحيوانات،حيث يعامل المزارعون القطيع على أنه وحدة لا يتم فيها قياس زيادة الوزن الفردية وصحة كل حيوان، ويترك ذلك للعين الثاقبة والخبرة لاكتشافهما، والواقع انه قد يعاني الحيوان من مشكلة صحية ولا يزال داخل القطيع، مما يؤدي إلى خسارة في نهاية المطاف.
طور فريق Qaf Lab التقني برنامجاً وأجهزة تُنشئ ملفًا شخصيًا لكل حيوان ويكتشف التشوهات. يقوم بإعلام المزارع إذا كانت هناك مشكلة وبهذه الطريقة ، سيعرف المزارع بالمشكلات في وقت مبكر ويمكن أن يقرر بيع الحيوان قبل فوات الأوان.
ZAD هو الامثل للحلول المحلية للمشاكل التي يواجهها المزارعين والتي تم تطويرها من قبل المستثمرين المحليين الموهوبين.
2. Golden Mushroom
مشروع Golden Mushroom هو مشروع زراعة الفطر ويتضمن زراعته وحصاده وتخزينه وبيعه، كما يهدف المشروع إلى زراعة الفطر بمختلف أنواعه وتوزيعه في السوق كمنتج محلي متوفر في جميع الفصول، وينصب التركيز الرئيسي لهذا المشروع على إزالة اعتماد السوق على الفطر المستورد وتوفير المنتج المغذي بأسعار معقولة.
Golden Mushroom هو من بنات أفكار محمد الراوي وهو رجل أعمال من الموصل حاصل على درجة علمية في الرياضيات ولكنه شغوف بالفطر، محمد هو خبير في علم الفطر ويقضي وقته في التعلم عن إنتاج الفطر وصناعته في العراق، فأثناء وجوده في الكلية بدأ محمد باختبار إنتاج أنواع جديدة من الفطر وبناء قاعدة معرفية لما هو مناسب للبيئة العراقية، جذبت عملياته الممولة ذاتياً انتباه المبتكرين والمستثمرين في الموصل.
يتم التحكم في صناعة الفطر في العراق بشكل حصري من خلال المنتجات المستوردة من الدول المجاورة مثل إيران وتركيا، أراد محمد تغيير ذلك من خلال إنشاء إنتاج فطر قوي في العراق، البلد المناسب بيئيًا ولوجستياً لمثل هذا المسعى.
مثل العديد من الشركات الأخرى أثر Covid-19 بشكل كبير على Golden Mushrooms لدرجة أنه تسبب في توقف المشروع مؤقتاً لبعض الوقت بسبب الأعباء المالية والخدمات اللوجستية للعمل في ظل حظر تجول لشركة صغيرة، بعد التعافي الجزئي استأنف Golden Mushroom الإنتاج ولكن بكمية صغيرة لا تتجاوز 100 كيلوغرام في السنة.
وفي عام 2021 ، انضم محمد إلى برنامج حاضنة Business Shortcut الذي ينظمه Qaf Lab.
لقد عرضت علي الكثير من الفرص الاستثمارية من العديد من المستثمرين في جميع أنحاء العراق ولكن المشكلة التي واجهتني كانت نهج المستثمرين حيث كانت الطريقة التي يعملون بها هي إعطاء الأموال وتوقع العوائد. الشيء الذي جذبني إلى Qaf Lab هو نهجهم الفريد حيث شعرت أن مركز الابتكار بأكمله يدعمني وأنهم يستثمرون بشكل مباشر في نجاح المشاريع وليس فقط في الجانب المالي.
محمد الراوي مؤسس Golden Mushroom
من خلال الاستثمار والدعم المقدم من Qaf Lab تفتتح Golden Mushroom الان منشأة إنتاج جديدة في الموصل بسعة مذهلة تبلغ 40 طناً سنوياً، وباستخدام طرق إنتاج صديقة للبيئة وإنتاج الأسمدة العضوية للمزارعين.
بشكل عام يعد Golden Mushroom مشروعًا ممتعاً ولذيذاً ينشأ قطاعاً جديداً تماماً في الاقتصاد العراقي.
3. Smart Connect
تأسست Smart connect على يد عمر أحمد، طالب هندسة الاتصالات في جامعة الموصل، كان مصدر إلهام عمر لبدء هذا المشروع هو المشكلات التي تواجهها جميع الأسر العراقية تقريباً، وأراد أتمام المهام التي يمكن أن تجعل الحياة أسهل لمالك المنزل، مثل التحكم عن بعد في الأجهزة والتحكم الذكي في المناخ، وإعادة تجهيز المباني القديمة بالأجهزة الذكية، لذا قرر عمر المشاركة في برنامج Business Shortcut، حيث رأى الحاجة إلى مهارات العمل والمعرفة لتوسيع فكرته.
بدأ مفهوم المنزل الذكي في العراق كسلعة فاخرة وبأسعار معقولة فقط للطبقة الوسطى، لكن عمر اعتقد أن الوقت قد حان لتغيير هذا بتقنيات وأساليب ميسورة التكلفة، حيث تمكنت Smart Connect من خفض تكاليف الحلول الذكية للأسر التي تتمتع بسمعة طيبة من حيث الجودة والمهنية.
من خلال الاستثمار مع Qaf Lab وضعت Smart Connect نفسها كمنافس قوي في سوق الحلول الذكية في الموصل، وحصلت على العديد من المشاريع والعملاء مع زيادة عدد الموظفين إلى 15، كما توفر الشركة:
- التركيب الكهربائي للمباني.
- تركيب كاميرات المراقبة الامنية.
- التحكم وصلاحية الدخول.
- البيوت الذكية
- أنظمة الزراعة والبستنة الذكية
- حلول مخصصة للعملاء عند الطلب
سمارت كونيكت هي شركة حلول ذكية واعدة تهدف إلى تغيير مكانتها إلى شركة ذات أسعار معقولة وأكثر انتشاراً.
Qaf Lab للربح
Qaf Lab هي واحدة من المبادرات المفضلة لدينا عندما يتعلق الأمر بتطوير القطاع الخاص. ما يجعل Qaf Lab فريدًا من نوعه هو الطريقة التي يتعامل بها مع الاستثمار وبناء المهارات – يجب محاكاة هذا الاتجاه من قبل المستثمرين الآخرين وبرامج الاحتضان إذا أردنا رؤية المزيد من قصص النجاح في العراق.
الشيء الآخر الذي يميز Qaf Lab هو تركيزه على التدريب والإرشاد، هذا المزيج من الدعم المالي ومشورة الخبراء أمر بالغ الأهمية لنجاح وتنمية القطاع الخاص – وهو أمر تميل الحاضنات إلى التغاضي عنه تماماً!
