5 أسباب أخرى وراء فشل الشركات الناشئة في العراق
كنا قد تحدثنا سابقاً -في كانون الأول (ديسمبر) 2021- حول أهم أسباب فشل بعض الشركات الناشئة في العراق رغم أنه من الصعب تقديم تفسيرات دقيقة بالطبع – من البيانات والأرقام الخاصة بمشهد الشركات الناشئة في العراق فهي غير متوفرة، خصوصاً مع وجود نظام بيئي ناشئ وصغير، ليس لدينا دائماً ما يكفي من القصص لنتعلم منها، لكن هذه هي الأسباب التي دعتنا بالضبط الى ضرورة أهمية هذه المحادثة أو المقالة.
قد تكون الأسباب المنسوبة إلى فشل الشركات الناشئة قابلة للنقاش، ولكن من دون مشاركة الخبرات والأفكار والمعرفة لن نتوجه إلى أي مكان في حل الأسباب المحتملة للفشل التي يمكن للشركات الناشئة الحالية والمستقبلية إما تجنبها أو تعلم مواجهتها بفعالية، و بناءً على تجربة فريقنا مع الشركات الناشئة في العراق والعالم بالإضافة إلى تواصلنا مع رواد الأعمال والحاضنات التي تدعم الشركات الصغيرة في البلاد، بدأنا الحديث معهم وعرضنا خمسة أسباب لفشل شركة ناشئة في العراق، ثم وردتنا بعض الملاحظات منكم و لقد أحببنا تلك الملاحظات فقد كانت محفزة للتفكير ، ودقيقة، حيث دفعتنا على العودة إلى لوحة الرسم البياني والتفكير في المزيد من العقبات المحتملة التي يواجهها رواد الأعمال عند إدارة شركة ناشئة في العراق.
إذن ، إليكم اليوم خمسة أسباب أخرى قد تؤدي إلى فشل شركة ناشئة في العراق، ونريد أن نسمع منكم مرة أخرى، لا تترددوا بإخبارنا بما يمكنكم إضافته وما تعتقدون أنه منطقي وما الذي لا توافقون عليه تمامًا.
1. ثقافة الشركات الناشئة تتعطل بسبب البيروقراطية
لبدء عمل تجاري يحتاج رواد الأعمال إلى بيئة مفتوحة لتسهيل عملية التسجيل والازدهار، المشكلة هي عندما تكون البنية التحتية القانونية والتنظيمية بيروقراطية مؤلمة، ستستمر الشركات الناشئة في التخلف عن الركب على المسرح العالمي إذا لم يتم توفير الظروف المناسبة للشركات الجديدة لا سيما تلك التي تعتمد على التكنولوجيا.
إن إدارة شركة ناشئة مرهقة بحد ذاتها وتحتاج إلى إصرار وحافز مستمرين لاستمرارها، فإذا احتاج رواد الأعمال إلى مواجهة الروتين والتغيير المستمر للوائح فلن يتم تشجيع الناس إلا على بدء أعمال تجارية جديدة أو تسويق الأفكار المبتكرة، ولا يقتصر الأمر على المراحل الأولى لبدء عمل تجاري تعطله البيروقراطية، فقد كافحت الشركات الناشئة في الاتحاد الأوروبي أيضًا لجذب المواهب أو توسيع نطاق خدماتها بسبب الثقافة البيروقراطية والأعمال الورقية التي لا تنتهي.
ما يميز بلدان ثقافة الشركات الناشئة مثل إستونيا عن الدول الأوروبية الأخرى هو جلب أصوات الشركات الناشئة إلى طاولة المفاوضات عند تقديم سياسات وأنظمة جديدة؛ بالإضافة إلى مساعدة تطبيقات التتبع السريع للشركات الناشئة وهذا يعني أن فتح حساب مصرفي أو الحصول على اشتراك في الهاتف المحمول أو استئجار مساحة مكتبية يجب أن يكون سهلاً ومن الناحية المثالية و لا يتطلب سوى بضع نقرات.
2. الحصول على التمويل هو وسيلة محدودة للغاية
العديد منكم ذكر هذه النقطة ونحن نتفق تماماً، لهذا السبب قمنا بطرح قضية تمويل الشركات الناشئة في العراق عدة مرات، حيث إن الحاجة ماسة إلى الحصول على التمويل.
يعد جمع التبرعات حتى في البلدان التي يوجد فيها رأس مال وفرص تمويل للشركات الناشئة الجديدة أحد أكبر التحديات التي يواجهها رواد الأعمال، إنه أمر مرهق عاطفياً الاضطرار إلى تقديم عروض لا نهاية لها للعديد من المستثمرين، فقط كي تلقي الرفض المتكرر، ثم لم تلبث أن تتنفس الصعداء لأن إحدى جولات جمع التبرعات قد انتهت، و تجد نفسك بحاجة إلى جمع الأموال مرة أخرى لتغطية تكاليف النمو، و يواجه رواد الأعمال في العراق تحديات مختلفة فعدد العروض التقديمية التي يمكنهم تقديمها للمستثمرين الراغبين في الاستماع ليست كثيرة.
كما أن قنوات الاستثمار قليلة ايضاً، و يركز معظم التمويل في المناسبات على مراحل التفكير الأولية وهي بالكاد كافية لتغطية التكاليف لتحقيق النجاح، ناهيك عن التوسع أو النمو، بينما بدأت البنوك في إطلاق مبادرات لمساعدة الشركات الجديدة فإن البنية التحتية المصرفية بشكل عام بطيئة في التطور ويصعب التنقل فيها.
3. هل وصلنا إلى هناك بعد؟ الثقة في الخدمات القائمة على التقنية
نعم هناك الكثير من إعجابات Instagram و Facebook على صفحات الأعمال التجارية والشركات وهذه علامة مشجعة بالواقع لكنها لا تعني تميلاً و لا تكفي لتزدهر الشركات الناشئة القائمة على التكنولوجيا، فالائتمان بعيد عن أن يكون شائعاً، ولا يمتلك كل شخص حساباً مصرفياً الى الان، وستظل المطاعم ومراكز التسوق تتعجب وتخبرك بعدم وجود هكذا خدمة إذا ما سحبت بطاقة Visa الخاصة بك، ولكن رغم ذلك العديد من قصص الشركات الناشئة في العراق ملهمة بشكل خاص بسبب كيفية تمكنهم من تجاوز هذه العقبات.
ولكن الواقع فإن المشكلة هنا هي عدم الثقة في التكنولوجيا التي تتسرب عبر كل مجال من مجالات تشغيل الشركة الناشئة، إبتداءً من فتح حساب مصرفي إلى جذب العملاء فعلياً للاشتراك في خدماتك، وخاصةً عندما تكون فكرتك قائمة على التكنولوجيا، فعند الاحتفاء بالتكنولوجيا يُنظر إليها على أنها غايات وليست وسيلة يمكن من خلالها تقديم عرض القيمة الأساسية لأي خدمة أو منتج تقريباً.
ومن دون الثقة في التكنولوجيا لتسهيل التسليم والدفع والوصول تقتصر معظم الشركات على الحلول غير القابلة للتطوير.
4. يتعلق الأمر بالبقاء صغيرًا … في البداية
يجب أن تكون الشركات الناشئة قابلة للتطوير ومغامرة، فمثلا المشكلة في صورة وادي السيليكون لريادة الأعمال هي أنه لم تكن تبدو مثل أمازون في أول عامين من إنشائها، وأعتقد معظم المؤسسين لها أنهم فاشلون، غالبًا ما ننسى أن أمازون بدأت من مكان مميز ومن خلال بيع الكتب فقط، وبدأت Facebook في البداية من خلال ربط طلاب جامعة هارفارد فقط، بدون حل متخصص لسوق متخصص في البداية وسيكون من الصعب أن تفهم حقًا ما يريده عملاؤك وكيفية تقديمه لهم.
ولا نصدق الوقت الذي يتم فيه الاحتفال بشركات التكنولوجيا العملاقة، لكن معظم المؤسسين بدأوا رحلتهم بقرع الأبواب ومطاردة العملاء من خلال اختبار استراتيجيات التسويق المختلفة، أنت تبني، نعم لكن افتراض أن العملاء سيأتون بطريقة سحرية لن تأخذك الشركات الناشئة الى أي مكان، قلنا هذا في المرة الأخيرة. الأمر كله يتعلق بشحذ الهمة فهذا جزء من البدء بمشروعك ولا يعد هذا فشلاً.
5. الإرهاق والتوعية بالصحة العقلية أمر حقيقي
سوف يجذب هذا انتباه العديد من رجال الأعمال، فمرة أخرى بفضل الصورة النمطية لوادي السيليكون، ما لم تكن لديك حياة اجتماعية، وبالكاد تنام وتعيش على إندومي نودلز كل يوم، لا يصنف العديد من رواد الأعمال أنفسهم على أنهم يديرون شركة ناشئة، و مع الصعوبات اليومية لبيئات ما بعد الصراع ونقص البنية التحتية فإن الإنتاجية في وظيفة الموظف التقليدية يمثل تحدياً بالفعل، ناهيك عن إدارة شركة ناشئة، ولقد ثبت علميًا أن الإرهاق يزيد من فرص اتخاذ القرارات غير الفعالة وعدم الرضا الوظيفي، والتثبيط، والاكتئاب، وحتى أمراض القلب.
تحتاج إدارة شركة ناشئة إلى عقلية واعية ونامية وحالة ذهنية إيجابية تتسم بالمرونة، خصوصاً مع العراقيل التي تعترض البنية التحتية للعراق والتحديات الاستثنائية التي يواجهها رواد الأعمال هنا، فقد أصبح الإرهاق العقلي أكثر واقعية لرواد الأعمال العراقيين.
في معظم الأحيان يتم التعامل مع الإرهاق العقلي على أنه مشكلة فردية يمكن حلها من خلال اليوجا أو التنفس العميق، فعلى الرغم من أن هذه يمكن أن تساعد إلا أنهُ من المهم زيادة الوعي والتعرف على عواقب الوخيمة التي قد يسببها الإرهاق العقلي بين أرباب العمل والحاضنات والمنظمات غير الحكومية وجميع المشاركين في النظام البيئي للشركات الناشئة، وهذا يتطلب وعياً ذاتياً لرواد الأعمال، كما يتطلب أيضًا ضمان أن يأخذ رواد الأعمال الوقت الكافي للتفكير في قيمهم كشركة ناشئة. ما الثقافة التي يمكنهم تعزيزها لمنع الإرهاق؟ كيف يمكنهم التأكد من تجنب ثقافة مدمن العمل؟ فقد يؤدي الإرهاق إلى إبعاد رواد الأعمال عن شركاتهم الناشئة وإبعاد أفضل المواهب عن العمل في شركة ناشئة مع الأسف.