الشركات الناشئة والعوامل المؤثرة بها – القسم السادس: إستراتيجيتك الخاصة لدخول السوق
إنَّ الشركات الناشئة تخلق فرص عمل ومنتجات جديدة، وهو متفق لذا فكلنا نحب عمل الشركات الناشئة ونعلم أن الكثيرين في العراق يعملون بجد لجعل الأفكار “تحدث” اي تتحول الى فعل على ارض الواقع، ومع قصص رواد الأعمال العراقيين التي تلهمنا كل يوم فإننا في الوقت نفسه نجد ان الامر في جميع أنحاء العالم وخاصة في العراق ليس سهلا على الإطلاق.
مقالاتنا عن الشركات الناشئة والعوامل المؤثرة بها هي سلسلة جديدة مكتوبة لأصحاب المشاريع الذين يتطلعون إلى بدء مشروع أو لأولئك الذين هم بالفعل في طور بناء واحد، سنلخص الموارد ونوفر مادة للتفكير على أمل أن نكون جزءًا من رحلة تعلم تخص الشركات الجديدة، نحن بعيدون عن معرفة جميع الإجابات ولكننا نعلم أن هذه السلسلة ستثير التفكير في جوانب مهمة من عملك وتساعد في تجنب العقبات التي تواجهونها، كما يسعدنا دائمًا معرفة أفكارك وتجاربك أيضًا، ومستوى تقدم عملك، ورأيك بخصوص الموضوع ما تجده مفيدًا أو ما قد تختلف معه ببساطة.
تحدثنا مؤخراً عن فهم شخصية عميلك ومحاولة فهم ما الذي يدفعه للبقاء والتعامل معك، وما زلنا نتحدث عما يحافظ على عودة العملاء ولكن على وجه التحديد سنلقي نظرة سريعة على كيفية تصميم إستراتيجية السوق تلك.
كان فريقنا أيضًا يتوق مؤخراً إلى “الكاهي” لذلك وجدنا أيضًا طريقة لإدراج كاهي في المحادثة، لذا قبل أن نبدأ إليكم صورة كاهي – وهو حلوى عراقية تُقدم تقليدياً على الإفطار؛ عبارة عن فطيرة فيلو شهية تُقدم مع القيمر والعسل،
حسنًا ، بعد أن انتهى الأمر نعود إلى النقطة الرئيسية في هذه المقالة.
طريقتان للحصول على نصيبك من “الكاهي”
في مقالتنا الأخيرة ، تحدثنا عن كيفية الاقتراب من إبداءات الإعجاب وعدم الإعجاب لدى عميلك وسلوكياته ونقاط الضعف التي يعاني منها، لكننا نحتاج أيضاً إلى إيجاد طريقة لمعرفة مكان عملائك وكمية أعدادهم أي طريقة للعثور عليهم، وبعبارة أخرى: حساب حجم السوق الخاص بك، وإحدى الطرق للقيام بذلك هي اتباع نهج تنازلي من أعلى إلى أسفل، أي تبدأ بحساب إجمالي السوق الذي ستدخله ثم تقدِّر حصتك في هذا السوق.
لنفترض أنك تطلق تطبيق التكسي للمسافرات في العراق والذي ورد ذكره في مقالتنا الأخيرة، عليك أولاً إلقاء نظرة على سوق خدمات سيارات الأجرة وتأخذ في الاعتبار العدد المقدر للإناث اللائي يستخدمن خدمات سيارات الأجرة، و تكمن مشكلة هذا النهج في أنه عندما تكون البيانات المتاحة نادرة أو غير محددة بدرجة كافية فقد نشعر بالتفاؤل قليلاً، تم إحضار صينية الكاهي الرائعة لكنك لست متأكداً من المبلغ الذي ستخصصه أو عدد الأشخاص الآخرين الذين ينظرون إلى نفس الشرائح.
والطريقة الاخرى هي اتباع نهج مزيد من العمل ومن المرجح أن يكون الرقم الناتج هنا أكثر دقة، وهذا التحليل تصاعدي حيث تبدأ بتقدير مبيعاتك المحتملة من أجل حساب رقم إجمالي للمبيعات، يأخذ في الاعتبار مكان بيع المنتجات ومبيعات المنتجات المماثلة، وقطع المبيعات الحالية التي يمكنك اقتنائها، فبدلاً من البدء بالدرج الممتلئ عليك أن تبدأ بالتركيز على قطعة واحدة تكاد تكون على يقين من أنك ستحصل عليها، ثم انتقل إلى بقية الدرج بمجرد تناول القطعة الأولى وهكذا.
وهذه الخطوة يغفل عنها معظم المؤسسين، فالتفكير بشكل كبير أمر جيد لكن الخطة لمهاجمة السوق أو الدرج بأكمله، بدلاً من الشريحة الأصغر التي تمثل الأشخاص الذين من المرجح أن يشتروا عرضك، يمكن أن تؤدي إلى الكثير من الإحباط.
أي قطعة من الكاهي ستلتهم؟
لقد حددت شريحة كاهي وتريد الآن التأكد من أنك ستأكلها، من خلال فهم رحلة عميلك المحدد في استخدام خدمتك أو منتجك والتحديات التي يواجهها والتي يمكنك حلها له، ستحدد بعد ذلك نوعاً معيناً من العملاء يأتي من فئة عمرية أو جنس أو مكان إقامة أو مكان عمل معين، يمكنك لاحقاً التفكير في أنواع أخرى من العملاء، لكنك تريد أولاً أن تبدأ بتحديد من سيرغب في عرضك على الأرجح وأي فئة تستهدف.
فمثلاً إذا كنت ستستخدم هذا التطبيق الذي ذكرناه سابقاً و المخصص للمسافرين من الإناث، فأنت تريد معرفة المكان الذي تكون متأكداَ تقريباً من أن خدمتك المقدمة مفيدة وأن الراكبات سيشتركن، فهل هن طالبات تتراوح أعمارهن بين 25 و 30 سنة في الكرادة؟ أم هل هن موظفات في الأربعينيات من العمر في زيونة؟ سيتوضح ذلك بالتحدث إلى الناس، وطرق الأبواب، وطرح الأسئلة واكتشاف أقصى ما يمكنك حول هذه الشريحة من الكاهي، شريحة الكاهي التي تهاجمها تسمى أيضاً شريحة السوق المستهدفة الأولية، انَّ هدفك هو التأكد من أن غالبية هذا الجزء يشتركون في خدمتك إذا كنت ستبدأ غداً.
أين هي الشريحة المستهدفة الأولية الخاصة بك؟ هل يمكنك الوصول إليهم بسهولة؟ نحن نتحدث هنا عن ماهية تفضيلات الاتصال الخاصة بهم سواء كانوا يريدون منك التحدث إليهم عبر الهاتف أو Facebook، والوقت الذي من المرجح أن يستجيبوا فيه وما هي لغتهم، تريد أيضاً التأكد من أن شريحة الكاهي هذه صالحة للأكل، أي هل ستحقق لك الربح الذي تسعى إليه؟ فيجب أن تكون الشريحة المستهدفة الأولية هي الأشخاص الذين يمتلكون المال أو يمكنهم الوصول إلى الأموال اللازمة لشراء خدمتك أو ما إذا كانوا مهتمين أو قادرين على الإنفاق على منتجات وخدمات جديدة.
تريد التأكد من طرح الأسئلة الصحيحة لفهم أنشطتهم أو قيمهم أو مواقفهم أو معدلات استخدامهم وما إذا كانت هذه تشير إلى عرضك والى خدمتك المقدمة، و يعد الاستماع إلى عملائك الذين يمثلون شريحة الكاهي هنا أمراً أساسياً، كما إن البحث الثانوي مثل معرفة فئتهم العمرية أو جنسهم مهم بالطبع، ولكنك ستكتشف المزيد عن عادات الإنفاق لديهم عندما يخبرونك بآرائهم حول شيء ما، وإنَّ الجمع بين هذا وبين الأساليب الأقل شخصية مفيداً أيضاً، مثل التحقق من تحليلات موقع الويب الخاص بك، قد لا يخبرك الأشخاص بأنهم يبحثون دائمًا عن رموز الترويج، ولكن من المحتمل أن تعرف ذلك من خلال استخدامهم لرموز الخصم على موقعك على الويب.
من وضع عينه على شريحة الكاهي الخاصة بك ايضاً؟
بقدر ما قد يكون عرضك أو عرض القيمة الخاص بك كبيراً، فمن المحتمل أن هناك آخرين يستهدفون نفس الأشخاص مثلك، و هذا هو السبب في أن فهم منافسيك أمر بالغ الأهمية لتقدير حجم السوق والحصة التي من المحتمل أن تحصل عليها من هذا السوق.
ستكون محظوظاً إذا كان منافسيك يبالغون في أسعارهم، أو يقدمون خدمات سيئة، أو إذا كانت لديهم تعليقات سلبية، ولكن في الوقت نفسه قد تكتشف أن منافسيك المحتملين يقومون بعمل رائع على عدة جبهات، وأنهم ينتقلون من خلال صينية الكاهي إلى الشريحة التي تريدها انت، فهنا هناك حاجة إلى إجراء بحث مكثف للعثور على المجال الذي يمكنك استهدافه.
وبالتالي فهذا يعني فهم منافسيك المحتملين وكذلك النظر إلى الشركات الناشئة الفاشلة الأخرى في مجالك وسبب فشلهم، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم الأصول والمهارات الأساسية اللازمة للبقاء ناجحاً في مجال عملك حقًا.
شكر خاص ووقفة تقدير للدكتورة نترا بان، باحثة ومعلمة ريادة الأعمال، لمساعدتها في تقديم المدخلات والأفكار لهذه السلسلة!