أن تكون رحالة رقمي في العراق

إن من أهم مميزات الحياة التي يطمح اليها كل فرد هو أن يتمتع بشيء من الحرية والاستقلال لذا فإن إسلوب حياة الرحالة المليء بالحرية والمغامرة، هو أمر يفضله اغلب الناس فهو يفصلهم عن قيود الوقت والسلطة والعمل المكتبي لساعات معينة من اليوم، ويساعد بإعطاء الحق الكامل للأفراد لتقرير الحياة التي يريدون أن يعيشوها دون عبء الممتلكات أو المسؤوليات الثقيلة لعدم ارتباط هذا النمط بشيء من الماديات فيعيش الفرد فيه ممتلكاً القليل فقط من اساسيات الحياة. ولكن لسوء الحظ لقد اختفى نمط الحياة هذا تقريبًا في عالمنا الحديث، فمن قيود السفر على أساس الجنسية الى التعليم الرسمي والعمل المأجور وهذه كلها تربط الأفراد بجغرافيا ثابتة.

ومع ذلك، فإن التقدم التكنولوجي والاستخدام الواسع للإنترنت قد سمح بنوع جديد من نمط الحياة البدوي يسمى Digital Nomadism.

ما هو الرحالة الرقمي؟

يتم تعريف الرحالة الرقميين على أنهم الأشخاص الذين يعيشون أسلوب حياة خالٍ من الموقع ومزود بالتكنولوجيا، حيث يمكنهم اختيار مكان العيش والعمل ، طالما لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت.

تم نشر أسلوب الحياة هذا لأول مرة من قبل المدونين ومدوّني الفيديو عن السفر الذين ينتجون محتوى أثناء التنقل، كما جذبت الدعاية الناتجة عن هذا المحتوى الانتباه إلى Digital Nomadism. بالإضافة إلى ذلك بدأت شركات التكنولوجيا في توسيع قوتها العاملة مع العمال عن بُعد ، وقدمت منصات العمل المستقل (الحر) مثل Upwork و Fiverr دليلًا للمواهب والفرص.

جعلت قيود Covid-19 الرحالة الرقميين أكثر جاذبية مع انفتاح الشركات على توظيف موظفين عن بُعد وأصبحت ثقافة العمل عن بُعد أكثر شيوعًا.

الرحالة الرقمي في العراق

تكتسب فكرة الرحالة الرقمي شعبية في العراق، وخاصة بين جيل الشباب حيث تعد إمكانية تحقيق المزيد من الدخل أمراً مغرياً بشكل خاص، إما عن طريق الحصول على وظائف بأجر أعلى من عملاء دوليين أو العمل في شركات دولية.

وبما ان العراق أرض خصبة لنمط الحياة الجديد هذا فكما تتمتع جميع أنحاء البلاد تقريبًا بإمكانية الوصول إلى الإنترنت (على الرغم من اختلاف السرعات بناءً على الموقع) ، فإن هذا يتيح للرحالة الرقميين السفر والعمل في المكان الذي يرغبون فيه.

كما ان من المثير للإهتمام أن يتزايد عدد مساحات العمل المشترك في جميع أنحاء العراق، حيث توفر مكاتب وشبكة wifi عالية السرعة، وغرف اجتماعات، وصداقة لطيفة ذات فائدة توسع العلاقات للمهنيين المستقلين الذين يفضلون العمل بين أقرانهم بدلاً من عزلهم لوحدهم في المنزل، ومثل البلدان الأخرى دفعت عمليات الإغلاق بسبب Covid-19 الشركات العراقية إلى تجربة العمل عن بعد، مع بقاء إنتاجية الموظفين على نفس المستوى، وتفتح العديد من الشركات وظائف دائمة عن بُعد مما يؤدي إلى المزيد من الفرص للرحالة ومحبي التحديث.

التحديات

على الرغم من الفوائد الواضحة التي يمكن أن يقدمها العمل عن بُعد والرحالة الرقمية، فإنَّ هناك تحديات لا تزال تحتاج إلى معالجة واهتمام ، بعضها متأصل في فكرة الـ Digital Nomadism والبعض الآخر فريد وخاص في العراق:

الإنترنيت

سرعة الإنترنت العالية ضرورية للمشاركة في مؤتمرات الفيديو واجتماعات Zoom والتي يعتمد عليها عمل الرحالة اعتماداً كاملاً احياناً حيث تعتبر حلقة الوصل للتواصل والعمل من خلالها، ولسوء الحظ يعاني العراق من هذا الجانب حيث تتباين سرعات الإنترنت بشكل كبير بين المواقع الجغرافية للأفراد، على الرغم من ظهور الـ 4G مؤخرًا، حيث تميل المدن الكبرى إلى تحقيق أقصى استفادة من الإنترنت عالي السرعة والموثوق بينما تكافح المدن الصغيرة والمناطق الريفية للإستفادة منه، هذا بطبيعة الحال يقيد حرية الحركة التي يتمتع بها Digital Nomads في العراق.

قطع الإتصال

يذكر الكثير من البدو الرقميين حول العالم الشعور بالوحدة والإرهاق باعتباره الجانب السلبي لنمط الحياة هذا، و تتم إزالة الروابط البشرية التي قد يجدها المرء في بيئة المكتب كما أن قلة ساعات العمل المنظمة تجعل من السهل المبالغة في ذلك. يحتاج الرحالة الرقميون إلى إيلاء اهتمام أكبر لصحتهم العقلية ورفاههم النفسي.

سوء الفهم

يعد سوء التواصل مشكلة كبيرة في العمل عن بُعد حيث يتم عزل الاتصال عن لغة الجسد الدقيقة وتعبيرات الوجه، وبذلك يمكن قراءة الرسائل المكتوبة بشكل خاطئ وتحويلها إلى القارئ مما يجعل الجمل البسيطة تبدو أقسى مما هي عليه في الواقع، هذا الأمر بدأ الكثير من المبدعين العمل على تحسينه من خلال إنشاء أدوات لـ Slack و Google Chrome.

مشاكل الدفع

يعتبر تلقي المدفوعات والرواتب عقبة كبيرة أمام Digital Nomads في العراق، ولم ينضج النظام المصرفي العراقي ولا يمكنه توفير خيارات دفع سلسة يتم معالجة هذا إلى حد ما من خلال أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول التي تمنح القدرة على تلقي وإرسال مدفوعات فورية داخل البلد.

إن الشعبية المتزايدة للعملات المشفرة تعني أن العراقيين أكثر انفتاحًا لتلقي المدفوعات في الأصول الرقمية، والتي يمكن سحبها من بورصات العملات المشفرة المحلية.

ومع ذلك لا تزال المشكلة قائمة بالنسبة إلى Digital Nomads الذين يعملون مع عملاء خارج البلاد، يعد إرسال الأموال واستلامها أمراً بالغ الصعوبة نظراً لوجود بعض الدول في قائمة سوداء للعراق لتحويلات المدفوعات وتطلب البنوك المحلية إجراءات ورقية إضافية للوصول إلى الأموال لتجنب غسل الأموال.

ماذا يخبئ المستقبل؟

مع استمرار العالم في التحرك نحو الاعتماد التكنولوجي ، ومع عدم اختفاء Covid-19 في أي وقت قريب ، من المتوقع أن تستمر الشركات العراقية في التركيز بشكل أكبر على التوظيف عن بعد. سيؤدي ذلك أيضًا إلى زيادة الوعي بين المجتمع الأوسع الباحثين عن عمل حول العمل عن بُعد والمرن ، بالإضافة إلى اهتمام الحكومة بهذا النوع الجديد من العمل وإدخال تشريعات لزيادة تشجيع الشركات والعاملين على حدٍ سواء.