تعرف على الويب 3.0 وما يعنيه ذلك بالنسبة للعراق

يتوسع الإنترنت ويتطور بمعدل سريع، حيث في أقل من ثلاثة عقود أصبح الإنترنت جزءاً مهماً من حياتنا اليومية الآن، وتطور بشكل أكبر إلى ما يسمى “الويب 3.0” أو “الويب ثلاثي الأبعاد” أو “الويب المكاني”.

وكل هذا يتحدث عن NFTs والـ Metaverse، كما إن ذلك يأتي ضمن Web 3.0 – وهي أحدث رؤية لتكنولوجيا الإنترنت والتي تعد بميزات جديدة للمستخدمين وحلول لمشاكل العالم المعقدة مستقبلاً.

فالابتكار السريع في تقنيات مثل الواقع المعزز والافتراضي (AR / VR)، والشبكات المتقدمة مع البنية التحتية 5G ، وتحديد الموقع الجغرافي، وأجهزة إنترنت الأشياء، وأجهزة الاستشعار، وتكنولوجيا دفتر الأستاذ الموزع، والذكاء الاصطناعي / التعلم الآلي (AI / ML) والذي يدمج حياتنا المادية والرقمية معاً. إنه يغير الطريقة التي نعمل بها ونتواصل ونتفاعل مع الأشياء.

ولكن، ما هو الويب 3.0 بالضبط؟ كجميع التغييرات التكنولوجية الجديدة من الصعب تقديم تعريف دقيق لما يستلزمه Web 3.0 في مثل هذه المرحلة المبكرة، ومع ذلك يمكننا استقراء الرؤية الحالية للويب 3.0 وتكوين صورة أولية عنه.

6645 Fig1
تكامل الويب المكاني للعالمين الرقمي والمادي: الصورة من موقع Deloitte.com

كيف يبدو الويب 3.0؟ قصة زينب

دعونا نتقدم إلى المستقبل حيث يتم تنفيذ الويب 3.0 المتصور بالكامل، والعراق حينها قد تكامل بشكل كلي فرضاً بين المجالين الرقمي والمادي، ولنرى الحياة من عيون شخص من ذلك المستقبل والتي سنطلق عليها اسم زينب، وهي مهندسة معمارية تبلغ من العمر 25 عاماً تعمل في شركة تصميم في بغداد.

يبدأ صباحها بشرب الشاي ومشاهدة برنامجها المفضل على نظارات الواقع المعزز (AR)، ثم بمجرد الانتهاء من الإفطار تغادر المنزل، والذي يديره الذكاء الاصطناعي (AI) حيث يتم قفل جميع الأبواب تلقائياً وإيقاف تشغيل المصابيح والأجهزة الكهربائية غير الضرورية.

Zainab
Hi, I’m Zainab

أصبحت بغداد مدينة ذكية، لذلك عندما تذهب إلى أقرب محطة للحافلات يتم إعطاؤها تعليمات بشأن الحافلة التي ستكون الخيار الأسرع إلى مكان عملها، و عند الصعود إلى الحافلة ذاتية القيادة تلتقط المستشعرات عدد الأشخاص المنتظرين وتخطر الإدارة لتجنب الازدحام في المحطة وتوفير موارد إضافية.

يتيح الوقت في رحلة الحافلة لزينب فرصة متابعة الرسائل ورسائل البريد الإلكتروني، بمجرد وصولها إلى مكان عملها يتم خصم المبلغ تلقائياً من حسابها بفضل تقنيات مسح الوجه وتحديد الموقع الجغرافي.

تدخل مكتبها ويتم تغيير إعدادات الإشعارات تلقائياً إلى وضع التركيز حتى لا يتشتت انتباهها أثناء ساعات العمل.

تقوم زينب بتصميم فيلا لعميل باستخدام إسقاط AR مع برنامج AI لاختبار التصميم لمقاومة الزلازل والسلامة لهيكل البناء، يتنبأ الذكاء الاصطناعي أيضًا بكمية الضوء التي تدخل الهيكل وتكلفة كل تعديل بالبيانات القادمة من أسعار السوق الأخيرة.

تقوم بإرسال النموذج ثلاثي الأبعاد إلى العميل للحصول على الموافقة النهائية عبر تقنية Secure Ledger التي لا يمكن الوصول إليها إلا للعميل، بمجرد موافقة العميل على التصميم يتم إرسال التصميم إلى شركة البناء الشريكة له، يقوم نظام شركة البناء بمسح التصميم ويطلب تلقائياً المكونات والمعدات اللازمة للمبنى جنباً إلى جنب مع خطة البناء الأولية والتاريخ التقريبي لانتهاء المشروع.

أنهت زينب يوم طويل من العمل وتعود إلى منزل الذكاء الاصطناعي الخاص بها، حيث قد قام المنزل بالفعل بضبط درجة حرارة المنزل وإعداد الحمام، وطلب طعامها المفضل الذي سيصل بمجرد أن تنتهي من الاستحمام.

قد يبدو هذا كقصة خيال علمي، لكننا نشهد بالفعل لمحة عن هذا المستقبل المتصور، و بعض من روتين زينب متاح بالفعل للاستخدام نع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وأصبحت تقنيات الاستشعار أكثر دقة وبأسعار معقولة، قد يبدو لنا أننا على بعد عقود من عالم زينب لكن دعونا لا ننسى أنه منذ ما يقرب من 30 عاماً لم يكن لدينا الإنترنت.

تاريخ الويب

مثل أي ثلاثية أفلام جيدة لا يمكنك مشاهدة الفيلم الثالث دون فهم ما يحدث في أول فيلمين، يمكن أن يرشدنا Web 1.0 و Web 2.0 إلى فهم Web 3.0، لنبدأ بمعالجة أقدم نسخة من الويب كما أنشأها Tim Berners-Lee.

6645 Fig2
الفروق بين التكرارات المختلفة للويب على المستويات الثلاثة للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات: الصورة من موقع Deloitte.com

Web 1.0

كان الويب 1.0 هو المرحلة الأولى من الإنترنت، وهو الشكل الأساسي للإنترنت ويتكون في الغالب من صفحات HTML ثابتة ومحتوى من نظام ملفات بدلاً من قاعدة بيانات.

كان لمواقع الويب وظائف محدودة وكان دور المستخدم مقصوراً على المستهلك، فعلى سبيل المثال لم تعرض مواقع التجارة الإلكترونية خلال هذه الفترة سوى المحتوى ومعلومات الدفع، وقد كان الحد الأدنى من المدخلات مطلوباً من المستخدمين.

أدى الافتقار إلى تفاعل الويب 1.0 جنباً إلى جنب مع زيادة شعبية الإنترنت إلى ظهور تكرار جديد للويب.

Web 2.0

هذا الإصدار من الويب هو المعروف حالياً، و يعتمد جوهر Web 2.0 على تفاعل المستخدم مع المعلومات التي يتم تبادلها بين المستخدمين والمواقع الإلكترونية، أدى ذلك إلى ظهور منصات الوسائط الاجتماعية والمحتوى الذي ينشئه المستخدمون حيث تعمل مواقع الويب على تحسين محتواها وخدماتها للمستخدمين الفرديين.

أدى هذا الطلب على البيانات إلى إنشاء نموذج أعمال مربح أدى إلى ولادة عمالقة التكنولوجيا مثل أمازون وجوجل وفيسبوك.

يعتمد الويب 2.0 على ما يسمى بنموذج خادم العميل حيث يتم توجيه أي طلب من قبل المستخدم إلى خادم مركزي للاستجابة.

خلقت إساءة استخدام بيانات المستخدم وسوء إدارتها من قبل “Big tech” (تشير إلى شركات التكنولوجيا الكبرى مثل Apple و Google و Amazon و Facebook و Microsoft) رد فعل عنيف من مجتمع التكنولوجيا فيما يتعلق بالخصوصية.

كما إن الخوف من أن تصبح شبكة الويب المجانية أكثر مركزية ويمكن إساءة استخدامها من قبل الحكومات والوكالات الأخرى، وإلى جانب ظهور تقنيات blockchain واللامركزية قد مهد الطريق لإعادة هيكلة الويب، وهو ما يمنح الويب الجديد القوة للفرد حتى لا تتم معاملته كمنتج بل كمستخدم.

Web 3.0

قبل الحديث عن الويب 3.0، نحتاج إلى التحدث عن مفهوم “الويب الدلالي”، وهو مصطلح صاغه تيم بيرنرز لي. تصوره لي على أنه إنترنت أكثر ذكاءً وأكثر استقلالية، شبكة تقوم فيها الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بمعالجة المحتوى بطريقة شبيهة بالبشر – “دماغ عالمي” حيث يتم ربط جميع البيانات وفهمها من حيث السياق والمفاهيم.

“لدي حلم للويب [حيث تصبح أجهزة الكمبيوتر] قادرة على تحليل جميع البيانات الموجودة على الويب – المحتوى والروابط والمعاملات بين الأشخاص وأجهزة الكمبيوتر. “الويب الدلالي” ، الذي يجعل هذا ممكنًا ، لم يظهر بعد ، ولكن عندما يحدث ذلك ، فإن الآليات اليومية للتجارة والبيروقراطية وحياتنا اليومية ستتم معالجتها بواسطة آلات تتحدث إلى الآلات. “العملاء الأذكياء” الذين روج لهم الناس على مر العصور سيتجسدون أخيرًا “

تيم بيرنرز لي ، مخترع شبكة الويب العالمية

على الرغم من أنه لم يكن الويب الدلالي الذي كنا نأمله ، فإن Web 3.0 يعيدنا إلى الرؤية الأصلية التي امتلكها لي للإنترنت باعتبارها بلا إذن مع وصول مجاني وبدون سلطة مركزية أو نقطة فشل واحدة ، أي “مفتاح إيقاف التشغيل”.

مزايا Web 3.0

Instagram

التكامل المالي العالمي

يعد الافتقار إلى الوصول للخدمات المالية أحد أكبر العقبات التي تواجه البلدان النامية، فهناك 1.7 مليار بالغ في جميع أنحاء العالم لا يستطيعون فتح حساب مصرفي أو ان يكون لهم حساب خاص بهم، ويعد العراق أحد تلك البلدان التي تضررت بشدة حيث لا يمتلك سوى 23٪ من العراقيين حسابات بنكية.

هذا الافتقار إلى الوصول المالي يقيد السكان في مناطقهم المحلية ويمنعهم من الاستفادة من الأسواق العالمية.

يَعد Web 3.0 المستخدمين بحل مالي قوي قائم على blockchain حيث يمكن بعد ذلك لأي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت ومحفظة تشفير المشاركة في المشهد المالي العالمي، كما يمكن لهؤلاء المستخدمين أيضاً الاستفادة من الأمان وإخفاء الهوية الخاصة بهم وهو ما توفره هذه التكنولوجيا من خدمة، كما يسع أولئك الذين لا يثقون في المؤسسات المالية المشاركة حينها و لن يكون لديهم سبب لعدم المشاركة.

Facebook Messenger

اللامركزية

الموضوع الرئيسي أو الميزة لـ Web 3.0 هو اللامركزية، حيث كانت الإصدارات السابقة من الإنترنت تُدار من قبل السلطات المركزية وشركات التكنولوجيا الكبرى، مما أدى إلى نقاط متعددة من الفشل والسيطرة، و تتجلى نقاط الضعف في مثل هذه البنية مع حدوث آلاف الهجمات الإلكترونية وتسرب المعلومات في كل عام.

سيزيل Web 3.0 مركزية الإنترنت ويمكّن المستخدمين والآلات من التفاعل مع البيانات من خلال ركيزة من شبكات الند للند، دون الحاجة إلى أطراف ثالثة وسيطة.

كما ستكون البنية التحتية للواجهة الخلفية لهذا الإصدار من الإنترنت لا مركزية بطبيعتها عبر شبكة موزعة من العقد، يتم وضع العقد في مكانها الصحيح للحفاظ على الشبكة، دون أي تهديد بحدوث نقطة فشل واحدة ولمنع سيطرة أي حكومة أو منظمة على الشبكة.

Weather

إضفاء الطابع الديمقراطي على الويب

مثل العديد من البلدان يمكن حظر الوصول إلى مواقع ويب معينة أو الإنترنت ككل لأسباب سياسية واجتماعية وتقنية، ونظراً لأن العديد من الشركات العراقية الصغيرة تعتمد اعتماداً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي لتوليد الإيرادات، فإنه يمكن أن تتأثر الشركات سلباً إذا تم إغلاق الإنترنت بسبب الامتحانات، و مع البنية التحتية الحالية للويب 2.0 فإن وصولك إلى المحتوى والحرية الرقمية هو قرار واحد بعيداً عن التقييد، ولكن مع البنية التحتية للشبكة العالمية الموزعة الخاصة بـ Web 3.0 فإنها تضمن الوصول المجاني وغير المقيد إلى المعلومات لمستخدميها، مثال آخر على إعادة التحكم إلى المستخدمين أنفسهم.

الحواجز التي تحول دون الويب 3.0 في العراق

نقص في البنى التحتية

من المكونات الرئيسية للوصول إلى مستوى التكامل الرقمي والمادي المطلوب للويب 3.0 هي تقنيات الاتصال الأسرع وهي تقنية شبكة 5G.

على الرغم من أن العراق يتمتع بتغطية إنترنت جيدة نسبياً في المناطق الرئيسية، إلا أنه يفتقر إلى السرعات الأعلى المطلوبة للويب 3.0، وفي الوقت الحالي يتم بذل القليل من العمل أو انه لا يصل للمستوى المطلوب لمعالجة هذه المشكلة، خاصة وأن البنية التحتية الحالية متأخرة 13 عامًا عن بقية العالم.

Iraq map

عوائق الدخول

وفقًا للبحث ، كانت 96٪ من النساء العراقيات اللائي تمت مقابلتهن أميات رقميًا ، كما أن عدد الرجال الأميين رقميًا مرتفع أيضًا، المهارات الرقمية الأساسية مثل استخدام المتصفح، والشراء عبر الإنترنت، والبحث، وما إلى ذلك، ليست شائعة بين الشعب العراقي.

نظرًا لأن Web 3.0 سيستخدم تقنيات أكثر تقدمًا مثل Distributed Ledgers و AR / VR والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، فمن الصعب تخيل اعتماده على نطاق واسع في العراق نظراً للمعرفة التقنية الحالية ووعي السكان.

ارتفاع التكاليف

يتطلب التكامل بين العالمين الرقمي والمادي لتحقيق Web 3.0 استخدام AR / VR و IoT و AI / ML وتحديد الموقع الجغرافي، في الوقت الحالي هذه التقنيات ليست رخيصة للاستخدام.

مثل العديد من التقنيات السابقة من المتوقع أن تنخفض التكاليف مع مرور الوقت وزيادة الاعتماد، حتى ذلك الحين فإن تقنيات البنية التحتية للويب 3.0 هذه بعيدة المنال بالنسبة للعديد من العراقيين.

الخلاصة

Web 3.0 هي تقنية غيرت قواعد اللعبة وتعد بإحداث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم الرقمي، ومن المؤكد أنها ستفتح أسواقاً جديدة وسبلاً للابتكار.

على الرغم من تأخر الشركات ومستخدمي الإنترنت في العراق في الوصول إلى التقنيات الواسعة الانتشار (كما هو موضح أعلاه)، إلا أنهم يجب أن ينظروا بشكل أعمق في هذا الموضوع وأن يحصلوا على السبق من خلال تبني التقنيات الحالية التي سيتم بناء الويب 3.0 عليها، كما سيستفيد الأفراد العراقيون أيضًا من زيادة الوعي الرقمي والتعليم لاستخدام هذه التقنيات ، حتى يتمكنوا جميعًا من الاستفادة من الحرية الأمنية والراحة التي يعد الويب 3.0 بتوفيرها.

المصادر

The Spatial Web and Web 3.0

The Roadmap Towards 5G in Iraq: Challenges, Opportunities, and Required Procedures

What Is Web 3.0?

Soroor Musawi

Related Posts

Leave a comment

Your email address will not be published.

© 2021 Iraqi Innovators. All rights reserved