لمحة عامة عن قطاع المصارف والمدفوعات في العراق
في الفترات الأخيرة شهد العراق توسعاً سريع في قطاع المصارف والمدفوعات كذا قيام العديد من الأشخاص بفتح حسابات مصرفية واستخدام طرق الدفع الرقمية. وقد تم تعزيز هذا الاتجاه من خلال العدد المتزايد من البنوك التي تقوم بإنشاء فروع وتركيب أجهزة الصراف الآلي، بالإضافة إلى الشركات التي تقوم بتثبيت محطات نقاط البيع (POS) لقبول مدفوعات البطاقات و QR، ساعدت هذه الزيادة في الشمول المالي على تحديث مشهد المدفوعات في العراق ، حيث يمثل قطاع البنوك والتمويل الآن أكثر من 23 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
أحد مقاييس لمعرفة هذا النمو هو نصب أكثر من 1700 جهاز صراف آلي في العراق – ما يقرب من 3 لكل 100000 نسمة. في حين أن هذا الرقم قد يبدو صغيراً مقارنة بالمعدل الإقليمي البالغ 32.7 جهاز صراف آلي لكل 100،000 شخص في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا (سوانا)، الا انَّه يمثل زيادة كبيرة في الوصول المالي للعراقيين. فيوجد حاليا 55 مصرفا عاملا في العراق، منها 7 مصارف حكومية ، 48 مصرفا خاصا ، 23 مصرفا تجاريا ، 8 مصارف اسلامية ، و 17 مصرفا اجنبيا. تمتلك هذه البنوك ما مجموعه 515 فرعًا في جميع أنحاء البلاد، أربعة منها لها أيضا فروع في الخارج.
يذكر انه من التطورات الملحوظة الأخرى في قطاع البنوك والمدفوعات في العراق الاندفاع الى استخدام الأموال والدفع عبر خدمات الهاتف المحمول والمحافظ الإلكترونية، فقد قام حتى الآن أكثر من 3.5 مليون شخص بفتح حسابات أموال عبر الهاتف المحمول مع مزودين مثل NassWallet و ZainCash و AsiaPay (المعروفة سابقًا باسم AsiaHawala)، ومن الجدير بالذكر ايضاً يوجد في العراق خمسة معالجات تابعة لجهات خارجية (TTPs) تمكّن وتساعد على توجيه المدفوعات والحوالات بين البطاقات وبوابات الدفع وشركات مخططات البطاقات مثل Visa و Mastercard. تشمل TTPs بوابة العراق و APS و MEPS IRAQ و YBS والبوابة الوطنية.
التحديات
على الرغم من هذه التطورات الإيجابية لا تزال هناك تحديات يجب معالجتها فعلى سبيل المثال تسيطر المصارف المملوكة للدولة على غالبية الودائع في البلاد، حيث تحتفظ هذه المصارف بنسبة 100٪ من ودائع القطاع العام و 63٪ من ودائع القطاع الخاص، وقد أدى ذلك إلى عدم ايداع المكاتب الحكومية في كثير من الأحيان لأموالها في البنوك الخاصة، حتى عندما يشجعها البنك المركزي على القيام بذلك. بالإضافة إلى إن غالبية الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) في العراق لا تتمتع بإمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية أو تستخدم البنوك لاستثماراتها، مما ساهم في حصول الدولة على أدنى مساهمة للشركات الصغيرة والمتوسطة في الشمول المالي بين منطقة الشرق الاوسط.
,ولكن من الجيد انَّ البنك المركزي العراقي يلعب هنا دوراً رئيسياً في مواجهة هذه التحديات وتحسين قطاع المصارف أنظمة الدفع، كما اعتمد العراقيون بشكل متزايد على المدفوعات الرقمية مع التحول الوطني للبنك المركزي الذي يربط المزيد والمزيد من المصارف وأجهزة الصراف الآلي والمشاركين في المحفظة الإلكترونية، لإنشاء نظام دفع سلس بين المؤسسات المالية، خصوصا مع توفر أكثر من 20 مليون مستخدم نشط للإنترنت في العراق جميعهم يمتلكون اجهزة محمولة وعلى اطلاع تام بالتطورات التكنلوجية الحاصلة وهناك إمكانات كبيرة لخلق ثقافة جديدة للدفع، كما توفر الصناعة المصرفية والمالية حالياً فرص جيدة للشركات الجديدة لدخول هذا المجال وفسح باب المنافسة للعملاء من خلال تقديم خدمات ذات قيمة مضافة.
أمَّا الطرق التي يعتمد البنك المركزي استخدامها لتحسين قطاع المصارف وطرق الدفع فهي كثيرة وتتمثل إحداها والتي تعد رئيسية في تعزيز الشمول المالي ايضا وهي تسهيل وصول الأفراد والشركات إلى الخدمات المالية، لا سيما في المناطق المحرومة، حيث قام البنك المركزي بتنفيذ عدد من المبادرات لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك إدخال لوائح جديدة وتطوير منتجات وخدمات مالية جديدة.
تتمثل إحدى هذه المبادرات في إنشاء وحدة دعم الإدماج المالي (FISU) ، والتي تهدف إلى زيادة توافر واستخدام المنتجات والخدمات المالية ، لا سيما بين الشرائح السكانية المحرومة. تعمل FISU مع البنوك والمؤسسات المالية الأخرى لتحديد ومعالجة الحواجز التي تمنع الأفراد والشركات من الوصول إلى الخدمات المالية.
لقد كان نمو قطاع البنوك والمدفوعات في العراق مثيرًا للإعجاب في السنوات الأخيرة ، لكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به لضمان وصول جميع العراقيين إلى الخدمات المالية وتطوير البنية التحتية للمدفوعات في البلاد، فيمكن من خلال معالجة واذابة التحديات المتبقية والبناء على التقدم الذي تم إحرازه حالياً، يمكن للعراق أن يواصل خطواته نحو نظام مالي أكثر شمولاً وتطوراً.